وإذا رحمت فأنت أبٌ أو أمٌ ... هذان في الدنيا هما الرحماء

دائماً كان حب الأم وحنانها وتضحيتها وخوفها على أبنائها هو المثل الأعلى عند الحديث عن الحب والتضحية , والقصص التي سمعناها ورأيناها كانت دوماً تؤكد أن الأم قد تضحي بالغالي والثمين من أجل مصلحة أبنائها , فهل أصبحت لا يمكنها أن تضحي بالأرجيلة ؟!
من منا لم يدخل إلى مقهى (كافيه ) ولم يشاهد أطفالاً بدون مبالغة بعضهم لم يتجاوز الثلاثة أشهر بأيدي أمهاتهن اللآتي يدخنَّ الأرجيلة فوق رؤوسهم , أو الأطفال الأكبر أعماراً و يجلسون في أجواء موبوءة وفوق رؤوسهم سحابة من دخان , من دون أن يحرك ذلك أدنى شعور بالمسؤولية من الأم أو حتى الأب الذي يكون في أغلب الأحيان على الجانب الآخر ينفث نَفَس الأرجيلة أو دخان سيجارته في وجه طفله !

أهو جهل بتأثير التدخين على صحة الأطفال وخاصة في هذه الأعمار ؟ أم أن مشاعرالأمومة والأبوة أيضاً تغيرت كما تغيّر الكثير من المبادئ والأخلاق ,والقيم فتراجعت وانحدرت.

تشير الدراسات ألى أن الدخان المنبعث من التدخين السلبي - اللاإرادي – القسري , يحتوي على مواد كيميائية ضارة تعرض الأطفال للسعال المزمن والتهابات الأذن والربو والتهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي ,احتقان الرئتين وافراز البلغم, وضعف كفاءة الرئة وصوت أزيز أثناء التنفس , بنسب أكبر بكثير من الأطفال غير المعرضين للدخان , وكذلك خطر الإصابة بسرطان الرئة وأمراض القلب .

وتشير الدراسة إلى أنه تم العثور على بقايا نيكوتين في اختبارات البول عند الأطفال الرضع الذين تعرضوا لدخان البيئة أو كانت الأم مدخنة أثناء فترة الحمل والذي قد يسبب نقص نمو الجنين , وضعف نمو الرئتين ,وكذلك الأطفال الذين تعرضوا للتدخين السلبي .

الزواج مسؤولية تبدأ من احترام ومسؤولية كل طرف تجاه الطرف الآخر ,ثم مسؤولية الزوجين تجاه الأطفال الذين قرر الزوجان انجابهم ولا ذنب لهم ولا حول ولا قوة , فإذا كنتما أيها الزوجين غير مستعدين لتحمل المسؤولية والتي أقلها المحافظة على صحة أطفالكم وتجنيبهم المعاناة والمرض فمن الأفضل تأجيل هذا القرار , وإذا كان الزوجان من الجهل أو من الأنانية بحيث أنهما لا يباليان بصحة أطفالهم فلتأخذ الدولة دورها في حماية هؤلاء الأطفال بسن القوانين وتغليظ العقوبات على الأهالي وعلى المقاهي التي تسمح بدخول الأطفال وحتى المراهقين .

للأسف قانون الصحة الأردني يعاقب من يقدم الأرجيلة للأطفال والمراهقين وممكن تقديم شكوى عن المقهى غير الملتزم ويحول للمحافظ وهناك عقوبات , لكن لا يوجد قانون يمنع دخول الأطفال إلى المقاهي بغض النظر عن أعمارهم وتعريضهم لهذا الكم من الدخان والمواد الكيمائية الضارة ,ولعل قائل يقول لماذا نعاقب صاحب المقهى الذي يسمح بدخول الأطفال أوليس آباؤهم أولى بحمايتهم والحرص على صحتهم , وهل يكون صاحب المقهى أو حتى الدولة أحرص على هؤلاء الأطفال من آبائهم ؟!