رغم وجاهة مطالب المستشفيات الخاصة فان قرارها يفتقر للأسس الاخلاقية .
وحده المواطن المسكين سيكون ضحية الخلاف بين المستشفيات الخاصة وشركات التأمين. فاذا نفذت جمعية المستشفيات الخاصة - التي ينضوي تحت مظلتها 55 مستشفى خاصا - تهديداتها بوقف التعامل مع المرضى المؤمنين اعتبارا من بداية العام المقبل, فان حياة اكثر من نصف مليون مواطن ستكون معرضة للخطر في اي لحظة, فكم من بين هؤلاء يحمل في جيبه نقدا قيمة فاتورة علاج في مستشفى خاص في الحالات الطارئة.
وواضح من بيان رئيس جمعية المستشفيات الخاصة ان المشكلة ليست وليدة الساعة فمنذ بداية العام والمفاوضات تجري لتوقيع اتفاق بين شركات التأمين والمستشفيات الخاصة أسوة بباقي القطاعات الطبية, الا ان المفاوضات وصلت لطريق مسدود, وبناء على ذلك اعلنت »الجمعية« انها لن تعود عن قرارها بوقف التعامل مع شركات التأمين الا بتعهد الشركات الالتزام ببنود الاتفاقية الموقعة مع الجمعية وقائمة تحديد الاجور ودفع ما تراكم عليها من ديون والبالغة عشرة ملايين دينار.
السؤال: اين كانت الحكومة ووزارة الصحة عن هذا الخلاف وكيف سمحت بوصول الازمة الى هذا المستوى, الذي يهدد بانهيار نظام التأمين الصحي لقطاع واسع من المواطنين?
من الناحية الفنية ربما يرى اصحاب المستشفيات الخاصة انهم محقون في موقفهم, لكن القرار يفتقر للأسس الانسانية والاخلاقية, فالمستشفيات ليست كشركات الطيران والاتصالات التي تستطيع ان توقف خدماتها لاعتبارات شتى, فهي في الاساس معنية بحياة الناس وصحتهم, ويصعب على المرء ان يصدق بأن مستشفى سيرفض علاج طفل في حالة حرجة اذا لم يحمل والده ثمن العلاج نقدا.
وكان الأجدر بالمستشفيات الخاصة اللجوء الى الجهات الرسمية او الى القضاء لتحصيل حقوقها بدل الانتقام من المواطنين وتحميلهم مسؤولية تقصير شركات التأمين, فاذا كانت هذه الشركات لا تدفع ما عليها من التزامات للمستشفيات فالمواطن المؤمن كما نعلم جميعا ملتزم بدفع ما عليه شهريا من اقساط التأمين الصحي.
نظام التأمين الصحي بشقيه الحكومي والخاص يعاني من ازمات ومشاكل حادة اصبحت تؤثر بشكل ملموس على مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين, تعود في جوهرها الى سوء الادارة والهدر في الموارد, وعجز الحكومة عن مواكبة التوسع في مظلة التأمين الصحي, وسط هذه الازمة ظل تأمين القطاع الخاص افضل من عدة جوانب لكن الازمة الاخيرة بين المستشفيات الخاصة وشركات التأمين تؤشر على مستقبل صعب اذا لم تبادر الحكومة لتدخل عاجل لمعالجتها وحماية مواطنيها من صراع الحيتان في القطاع الطبي الخاص.
fahed.khitan@alarabalyawm.net
(العرب اليوم)