كل الحكومات تقول لك انها رؤوفة بمحدودي الدخل ، وهم لايعترفون ان الاغلبية باتت من"مهدودي الدخل" وليس"محدودي الدخل".
العام المقبل سيكون صعباً جداً ، والموظف الذي شرح في رسالة لي كيف ينفق دخله البالغ خمسمائة دينار ، يقول ان الحياة باتت مستحيلة ، وهو يعتبر ان هذه ليست حياة ابداً.
يدفع مائة وخمسين ديناراً ايجاراً لبيته ، وثلاثين ديناراً للكهرباء والماء ، وثلاثين ديناراً لفاتورة موبايله ، وخمسين ديناراً لطفله الوليد ، ومائة اقساط لاثاث منزله بعد الزواج ، وخمسين دينارا لوالده الطاعن في السن ، وثلاثين ديناراً اجوراً للمواصلات ، وعشرين ديناراً يتم اقتطاعها من راتبه كتأمين صحي ، وعشرين ديناراً ثمنا للخبز شهرياً ، ويدخن بعشرين دينارا.
بهذا المعنى لايتبقى معه قرش واحد من اجل تعليم اولاده ، ولاقرش من اجل اطعامهم ، ولاقرش من اجل لباسهم ، ولاقرش ايضا من اجل وقود البيت في الشتاء ، او مؤونة البيت من الغذاء او الزيت ، او المناسبات او الاعياد ، ولاقرش ايضا من اجل شراء كيلوالارز.
هذا انموذج.لايصح فيه ان يقال انه بإمكانه توفير السجائر والموبايل لان المشكلة ستبقى كما هي.الكارثة الكبرى ان نصف الاردنيين العاملين يشتغلون بدخول دون الثلاثمائة دينار ، ومطلوب منهم ان يديروا بيوتهم ضمن هذا الوضع،.
اللافت للانتباه اننا نتعامل مع هذا الملف ، باعتباره قضاء وقدراً ، وبأعتباره نتيجة لامفر منها ، وهاهي نسبة الجرائم ترتفع ، والتداعيات الاجتماعية والفساد تتزايد ، ولاتجد احدا يقف ويصرخ ويسأل الى اين نذهب بأنفسنا وناسنا بهكذا حياة.
مناسبة هذا الكلام هو القرارات الصعبة التي ربما سيتم اتخاذها خلال الشهور المقبلة ، وهي قرارات علينا ان نتوقف عندها كثيراً ، فلم يتبق مال في جيوب الناس ، والتعامل مع القرارات باعتبارها ارقاما واحصائيات وموازنات ، سيؤدي الى اختلالات غير عادية.
جيوب "مهدودي الدخل" مثقوبة،،.
mtair@addustour.com.jo
(الدستور)