"عاصفة النار" هذا الاسم مأخوذ من رواية للكاتب الأمريكي نيلسون ديميل أشهر الأسماء في عالم الروايات الجماهيرية، وتكمن أهمية رواياته بالتمازج ما بين الأحداث الخيالية والحقيقية علاوة على تناول المنطقة العربية في مؤلفاته.
الغاية من اقتباس العنوان هنا لإيصال المعنى واختصار الكلام، كون كاتب «عاصفة النار» نيلسون ديميل يأمل أن تكون روايته الافتراضية نموذجاً لخطة موجودة تقضي بضرب أهمّ مدن العالم الإسلامي في الشرق الأوسط وإفريقيا وآسيا وغيرها بالسلاح النوويّ بعدما ضرب مركز التجارة العالمي والبنتاغون في 11 سبتمبر/ أيلول عام 2001.
في هذا السياق عجّت وسائل الإعلام الغربية والصهيونية بطرح تساؤل العام الجاري 2023 : «هل ستنشب حرب قريبا؟»، التقديرات الأمنية ومراكز الدراسات الاستراتيجية الغربية خلصت أن إمكانية نشوب حرب خلال عام 2023 قد ازدادت بشكل ملحوظ، بالرغم أن العديد من اللاعبين السياسيين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحديداً غير معنيين بحرب في المدى المنظور، إلا أن تغير سلوك اللاعبين و تصاعد حدة التوتّرات الحالية والصراعات المتتالية على الثروات والنفوذ في المنطقة، قد تؤدي خلال الفترة المقبلة، إلى فقدان السيطرة وانفلات الأمور والتدهور إلى مواجهة عسكرية شاملة متعددة الجبهات.
وبناءا على ما سبق تشير الوقائع والأحداث أن الأديان أو صراع الحضارات، تشكل إحدى العوامل الرئيسة للصراعات في العالم المعاصر ؛ فالحضارات الكبرى التي تصطدم فيما بينها، حتى نعيد عبارة صموئيل هنتنغتون، غالباً ما يتم تحديدها من طرف الجيوسياسية على ضوء المعايير الدينية، وفي ظل الفوضى العالمية الواضحة، هل نشهد عودة كبرى لما هو مكبوت ثقافياً ودينياً؟ جبهة الحروب الدينية الجديدة في كل مكان، وليس في أيّ مكان في الآن نفسه، ويبدو أنها أكثر من حرب دينية، إننا نشهد فوضى "طائفية"
اليوم اقتحم عشرات المستوطنين، المسجد الأقصى المبارك من جهة باب المغاربة، بحماية مشددة من شرطة الكيان الصهيوني، ونفذوا جولات استفزازية في ساحاته، وتلقَّوا شروحات عن "الهيكل" المزعوم، وأدَّوا طقوسا تلمودية في المنطقة الشرقية منه.
وقبل أيام استأنف الكيان الصهيوني الاعتداءات على المسجد الأقصى في تجديد عدوانه على مصلى باب الرحمة تدنيسا وتخريبا متعمدا طال شبكة الكهرباء في المصلى وتحطيم الأبواب وتكسير الموجودات في المصلى الذي يعد جزءا لا يتجزأ من الأقصى المبارك وهو ملك إسلامي خالص أقرته وتقره الشرعية الدولية.
وقبل أسابيع وجهت روسيا سهام الانتقادات إلى الغرب، متهمة إياه بإذكاء الصراع، وقال مدير المخابرات الروسية، سيرجي ناريشكين، إن الحرب في أوكرانيا اكتسبت سمات دينية، معتبراً ألا خطوط حمراء لدى الغرب وكييف، كما أضاف أن أوكرانيا وداعميها من الغرب لا يريدون حظر الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية فحسب، بل تدمير العقيدة الأرثوذكسية في أوكرانيا بالكامل، وفق تعبيره.
والأسئلة المطروحة هنا هل تتحول التوترات العالمية والاضطرابات السياسية إلى حروب دينية صراحة على المدى المنظور؟ وهل نحن أمام سباق تسلح نووي عالميّ؟ وهل مظاهر عدم الثقة ستفكك التحالفات الجديدة تحديداً ؟ وهل سيتم عسكرة السياسات وتوظيف القوة العسكرية في مواجهة التهديدات الخارجية؟ وهل ستكون هناك مواجهة عسكرية في الضفة الغربية وهبة شعبية في القدس وداخل الخط الأخضر، أسئلة كثيرة تحتاج إلى إجابات ستجيب عليها الأيام القادمة.
أخيراً وفي ظل تنامي حدة الصراع والتنافس العالمي لا أحد يستطيع أن يمنع عاصفة النار متعددة الجبهات من الاندلاع على المستوى العالمي، بأي شكل من الأشكال، ولكن كيف سيكون شكل النظام العالمي الجديد طور التشكيل!! وأين ستكون مواقع دول الشرق الأوسط على المستويين الإقليمي والدولي!.