عمون - الحكمة والفائدة من قصّ الشعر بعد العمرة تعتبر جزءًا من تحلل الحاج أو المعتمر من إحرامه، وهي عبادة تعبديّة لله -تعالى- دون وجود سبب محدد أو معروف في النصوص الشرعية. يجب على المسلمين الالتزام بهذا التعليم وتنفيذه دون الحاجة إلى معرفة الحكمة والفائدة وراء ذلك، لأنها أمرٌ مفروض من الله الحكيم العليم.

حُكم الحلق والتّقصير
تُعددت آراء علماء الفقه في حكم قصّ الشعر بعد العمرة والحج. يعتبر القول الأول أن قص الشعر وتقصيره واجبٌ من واجبات الحج والعمرة، وأن الحج والعمرة لا يكتملان إلا به. بينما يرى القول الثاني أن قص الشعر وتقصيره ركنٌ من أركان العمرة والحج، وأنهما لا تصحّ دونه. وهناك القول الثالث الذي يعتبر أن قص الشعر وتقصيره ليس من نسك الحج والعمرة، وإنما هو جزء من التحلل من الإحرام، ويمكن تحقيق التحلل بأي وسيلة أخرى.

والحلق يكون للرجال دون النساءبالنسبة للنساء، فإنهن لا يُطلب منهن حلق الشعر بل يكفي أخذ شيء يسير من شعر الرأس عند التحلل من إحرامهن. هذا يستند إلى قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ حَلْقٌ، وَإِنَّمَا عَلَى النِّسَاءِ التَّقْصِيرُ".

وقت الحلق للحاجّ والمُعتمر
بعد إتمام مناسك العمرة، يكون وقت الحلق أو التقصير للحجاج والمعتمرين مباشرةً بعد الانتهاء من الطواف والسعي. ولكن هناك اختلاف في الوقت المحدد حسب نوع الحاج والمعتمر. إذ يجب على الحاج المتمتع أن يحلق أو يقصر شعره مرتين. يحلق أو يقصر بعد الانتهاء من مناسك العمرة للتحلل من الإحرام، ثم يقوم بالحلق أو التقصير مرة أخرى عند بدء مناسك الحج في يوم النحر أو بعده. أما الحاج المفرد والقارن، فلا يُطلب منهما الحلق أو التقصير إلا في يوم النحر أو بعده. أما المعتمر فإنه يحلق أو يقصر شعره مرة واحدة فقط عند انتهائه من مناسك العمرة.

وقد تنوعت آراء الفقهاء في وقت الحلق الأخير. القول الأول يقول بجواز تأخير الحلق والتقصير حتى أيام التشريق، ولا يوجد مانع في تأخيرهما حتى بعد طواف الإفاضة. ومن الممكن أن يتم الحلق أو التقصير في أي مكان، لأن الهدف منه هو التحلل من الإحرام، ويمكن أن يتحقق ذلك في أي مكان على وجه الأرض.

أما القول الثاني فيقول بوجوب الحلق والتقصير في أيام التشريق من حيث الوقت والمكان، وأن من يخالف ذلك يجب عليه دفع دية (إراقة دم هدي). فقد قال الكاساني: إذا تأخر الحلق عن أيام النحر أو تم الحلق خارج الحرم، فإنه يجب عليه إراقة دم هدي في قول أبي حنيفة، وأما في قول أبي يوسف فلا يلزمه دفع الدية في كلا الحالتين، وأما في قول محمد فإنه يجب عليه فإنه يجب عليه دفع الدم في الزمان ولا يجب في المكان، وقال زفر إنه يجب في الزمان ولا يجب في المكان.

العمرة لها فضل عظيم وثواب جزيل، فهي تساعد على تكفير الذنوب ومغفرة السيئات. وقال النبي صل الله عليه وسلم: "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة". المسلم أثناء العمرة يكون في مكان أعظم وأقدس، وهو بيت الله الحرام. والأعمال الصالحة في بيت الله الحرام، مثل الطواف والصلاة والدعاء، لها أجر أكبر وفضل أعظم بسبب شرف المكان وحرمته.