عمون - مُبطلات الحجّ
مُبطلات الحجّ هي الأفعال التي تُبطل بها صحة الحج وتجعله غير صحيح، ويجب على الحجاج تجنبها. إليك بعض مُبطلات الحجّ وتفصيلها:

- ترك النية عند الإحرام: النية للإحرام هي جزء أساسي من أركان الحجّ. إذا تركت النية للإحرام، فإن الحج يُبطل، لأن النسك لم يتم بدايةً. يجب التأكد من الإحرام من الميقات المحددة، وإذا تجاوزت الميقات دون الإحرام، فيجب العودة إلى الميقات وإعادة الإحرام، وإلا سيكون عليه دفع الفدية.

- عدم الوقوف بعرفة: يعتبر وقوف الحجاج في عرفة ركنًا أساسيًا في الحجّ. إذا أحرم الشخص للحجّ ولم يتمكّن من الوقوف في عرفة حتى ينتهي وقتها، أي حتى طلوع فجر يوم النحر، فإن حجّه يُبطل. لأن الحجّ يُعتبر غير مكتمل دون وقوف في عرفة.

يجب أن نذكر أنه إذا تعذّر على الشخص القيام بالحجّ أو فوّت الفرصة للحجّ، فإن ذلك يعرف بـ"الإحصار" أو "الفوات". قدم العلماء تعريفًا للإحصار بأنه منع المحرم من أداء أركان الحجّ، ويُسمح للمحرم بسبب الإحصار بالتحلّل من الحجّ. يمكن أن نستنتج من حادثة الحديبية التي حدثت في زمن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، أن الإحصار قد يسمح بالتحلّل من الحجّ، حيث خرج النبي ومعه الصحابة لأداء العمرة، ومنعتهم قريش من الوصول إلى البيت الحرام، وبعد ذلك تمت معاهدة الحديبية وتم العودة إلى المدينة المنورة، وفي السنة التالية تم تنفيذ العمرة. ونجد في صحيح البخاري أيضًا ما يدل على جواز الإحصار، حيث ذكرت حالة احتجاب النبي صلى الله عليه وسلم وحلق رأسه.

فيما يلي تفصيل الإحصار في بعض المذاهب الفقهية:

المذهب الشافعي: يفوت الحجّ إذا لم يتم الوقوف في عرفة، ويتحتم على الحاج دفع الفدية إذا كان محرمًا بالحجّ الواحد أو القارن، ويجب عليه أداء باقي أعمال الحجّ مثل الطواف والسعي، ويتحلّل بحلق الشعر أو تقصيره، ويجب عليه قضاء الحجّ فورًا وأيضًا إحضار الهدي.

المذهب الحنفي: يقسمون الإحصار إلى أسباب شرعية وأسباب حسية. أمثلة على الأسباب الحسية هي وجود عوائق تمنع الحاجّ من إتمام النسك أو الحجز أو المرض. أما أسباب الإحصار الشرعية فتشمل فقدان المحرم للمحرم أو الزوج بعد الإحرام، أو عدم القدرة على المشي أو النفقة، أو منع الزوج للزوجة من أداء الحج النفل. إذا حُصِرَ الحاجّ، فلا يُسمح له بالتحلّل حتى يُذبَح الهدي في الحرم، وليس الحلق شرطًا للتحلّل بل يُفضَّل.

المذهب المالكي: إذا كان المنع ظُلميًا أو بالحق، يجوز للمحرم التحلّل بالنية وحُرِّم له الحلق، وإذا وجد الهدي فيجب ذبحه أو إرساله إلى مكة. أما إذا كان المنع بالحق، فيجب على المحرم أداء الهدي إذا كان بوسعه، وإلا فإنه يظل على الإحرام مثل الإحصار الظُلمي.

المذهب الحنبلي: يفوت الحجّ على من لم يقف في عرفة حتى طلوع فجر يوم النحر سواء كان لديه عذر أو لم يكن لديه عذر. يمكن للمحرم تحويل إحرامه إلى عمرة إذا لم يرغب في البقاء على الإحرام لأداء الحج في العام التالي. ويتحتم عليه ذبح الهدي وتأخيره للحج القضاء. إذا منع المحرم من إتمام النسك بعد الإحرام، فيجب عليه ذبح الهدي للتحلّل من الإحرام، وإلا فإنه يصوم عشرة أيام ويُعتبر هذا مثل الإحصار الظُلمي، والأفضل له أن يتحلّل بالنية.

من الضروري أن يتمّ الالتزام بشروط الحجّ وأركانه لضمان صحة وصحون الحجّ. يجب على الحجّاج البحث عن المعرفة اللازمة حول الأحكام الفقهية المتعلقة بالحجّ واستشارة العلماء والمشايخ المختصين في هذا الشأن.

- الجماع
الجماع بعد الإحرام للحجّ وقبل التحلّل الأول يُعتبر مُبطلًا للحجّ. يُستدل بهذا بقول الله تعالى في القرآن الكريم: "فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ"، وقد فسّر بعض الصحابة والعلماء الرفث في هذه الآية بالجماع. ويُفسر الرفث أحيانًا بالإفحاش الكلامي المتعلق بالجماع وما شابه ذلك. هناك من يرى أن الرفث يشمل كل ما ذُكِرَ سابقًا.

وقد نقل ابن المُنذر عن العلماء أنهم اتفقوا على أن الجماع يُبطل الحجّ. وقال ابن قدامة أيضًا أن الحجّ يُبطل بالجماع في الفرج، ولا خلاف في ذلك. في حالة بُطلان الحجّ بسبب الجماع، يجب استكمال الحجّ الباطل وإتمامه، ثم العودة في العام التالي وأداء الحجّ القضاء وإعادة الإحرام وتأدية الفدية. وإذا كان الجماع بعد التحلّل الأول، فإنه لا يُبطل الحجّ، ولكن يجب دفع الفدية وإعادة الإحرام من التنعيم.