عمون - كيفيّة رَمْي الجمرات في الحجّ
في مراسم الحج، يبدأ الحاج برمي الجمرات عن طريق إمساك الجمرة بيده اليمنى ورفع ذراعه، ويكبر عند رمي كل جمرة. يقف الحاج وجهًا إلى مكة ومِنى على يساره ويستقبل القبلة بعد رمي الجمرة الصغرى والجمرة الوسطى. لا يقوم بذلك بعد رمي جمرة العقبة.

يُسمح للحاج برمي الجمرات سواء كان راكبًا أو ماشيًا على قدميه. ويُستحب رمي الجمرات راكبًا إذا كان الحاج مستعدًا للنفر بعده. يجب أن يلاحظ أن التلبية (التكبير والدعاء والتسبيح والذكر) يتوقف بعد رمي جمرة العقبة ولا يستمر بعدها، وهذا هو الرأي الراجح لجمهور الشافعية والحنفية والحنابلة.

تشترط عدة شروط على الحاج لرمي الجمرات، وسأوضح هذه الشروط بالتفصيل:

الإحرام بالحج: يعتبر الإحرام بالحج شرطًا أساسيًا لصحة جميع أعمال الحج.

الوقوف بعرفة: يجب على الحاج الوقوف في عرفة قبل الرمي، لأن الرمي يتبع الوقوف في عرفة، وهذا هو الركن الذي لا يتم الحج بدونه.

الرمي بالحجارة: هناك آراء متعددة بين العلماء بشأن ما يجوز للحاج أن يرمي به وما لا يجوز. هناك اتفاق بين جمهور الشافعية والمالكية والحنابلة على عدم صحة الرمي بما ليس حجرًا، مثل المعدن أو الطين. أما الشافعية فقد أجازوا رمي الحجر الحديدي والأحجار الكريمة مثل الفيروز والياقوت والعقيق والزمرد والبلور والزبرجد. أما الحنفية فقد أجازوا رمي الطين والتراب والزمرد والزبرجد والكبريت، ولكن لا يجوز رمي المعادن والذهب والفضة.

التتابع والتفريق في رمي الحصيات: يتم رمي الحصيات واحدة تلو الأخرى، ولا يجوز رمي جمرتين أو أكثر في وقت واحد. إذا حدث ذلك وسقطت الحصيتان في الجمرة الواحدة، فإنه يجب أن يُعاد الرمي من جديد، وهذا هو الرأي الراجح لجمهور الشافعية والمالكية والحنابلة.

وقوع الحصيات في حوض الجمرة: يجب أن يصيب الحصاة الجمرة وتقع في المكان المحدد للحصيات عند الجمرة. لا يُعتبر رمي الحصاة صحيحًا إذا سقطت خارج الحوض، وهذا هو الرأي الراجح لجمهور الشافعية والمالكية والحنابلة. أما الحنفية فقد أجازوا رمي الحصى بالقرب من الجمرة إذا لم يكن ممكنًا تفادي ذلك، وإلا فإن الرمي غير صحيح إذا كانت المسافة بعيدة.

قصد إصابة الجمرة: يجب على الحاج أن يقصد إصابة الجمرة عند رمي الحصيات، وإذا وقعت الحصاة في الجمرة بدون قصد، فإنها لا تعتبر حصيات ولا تجزئ، ويجب أن يكون الرمي من دون مساعدة. إذا قام شخص برمي حصاة وأصابت ثوب رجل آخر ثم رد الحصاة عن ثوبه وسقطت في حوض الجمرة، فإن ذلك لا يعتبر صحيحًا لأنه وقع بمساعدة آخر.

الترتيب في رمي الجمرات في أيام التشريق: يجب أن يبدأ الحاج برمي الجمرة الصغرى التي تلي مسجد الخيف، ثم يرمي الجمرة الوسطى، ثم يذهب أخيرًا إلى جمرة العقبة. إذا بدأ الحاج بترتيب غير الصغرى، فإنه يجب عليه أن يعيد الرمي من جديد، وهذا هو الرأي الراجح لجمهور الشافعية والمالكية والحنابلة.

هذه هي بعض الشروط والتفاصيل المتعلقة برمي الجمرات في مراسم الحج. يجب على الحجاج الالتزام بهذه الشروط واتباع الأحكام المعمول بها لضمان صحة وصحونة العبادة.


هناك سُنن (أفعال مستحبة) في رمي الجمرات يُستحسن للحاج أن يلتزم بها، وتشمل ما يلي:

الإسراع في رمي جمرة العقبة يوم النحر: يُستحب للحاج أن يُسرع في رمي جمرة العقبة فور وصوله إلى منى يوم النحر.

رمي الجمرات في أيام التشريق بعد زوال الشمس: يجب على الحاج أن يرمي الجمرات في أيام التشريق بعد زوال الشمس، وهذا هو الوقت المحدد لذلك.

عدم الفصل بين رمي حصيات الجمرة الواحدة وبين الجمرات الأخرى: يجب على الحاج أن يرمي الحصيات في الجمرة متتابعة دون فصل بينها، وأيضًا عدم فصل بين كل جمرة وأخرى، إلا إذا كان هناك عذر مشروع لذلك.

التأكد من رمي الحصيات في الجمرة مباشرةً: يجب على الحاج التأكد من أن الحصيات قد سقطت في الجمرة مباشرةً ووصلت إليها بدقة.

رمي الجمرتين الصغرى والوسطى بتوجيه مكة إلى اليمين ومنى إلى اليسار: يجب أن يوجه الحاج مكة إلى اليمين ومنى إلى اليسار عند رمي جمرة الصغرى والوسطى. وعند رمي جمرة العقبة والجمرة الوسطى، يتغير الاتجاه ليكون مكة إلى اليسار ومنى إلى اليمين.

الوقوف واستقبال القبلة والدعاء عند انتهاء رمي الجمرتين الصغرى والوسطى: يجب على الحاج أن يقف ويستقبل القبلة ويدعو الله عند الانتهاء من رمي الجمرتين الصغرى والوسطى. أما بعد رمي جمرة العقبة، فلا يلزمه الوقوف والدعاء.

رمي كل حصاة برؤوس أصابع اليد اليمنى مع التكبير: يجب على الحاج رمي كل حصاة برؤوس أصابع يده اليمنى ويكبر عند رمي كل حصاة.

اختيار الحصى الطاهرة والتي لم تُصب بنجاسة: يجب على الحاج اختيار الحصى النظيفة والتي لم تُصب بأي نجاسة، ويفضل أن يكون حجم الحصاة أكبر قليلًا من حبة الحمص.

هذه هي بعض السُنن في رمي الجمرات التي يُستحسن للحاج الالتزام بها. تلتزم الحجاج بهذه الأفعال لتكملة العبادة بالشكل الأمثل وتحقيق الأجر الأكبر.

تعريف الجمرات في الحجّ
تعرف الجمرات في الحج بأنها أحجار صغيرة، ويشير مصطلح "الجمرات" أيضًا إلى الموقع الذي يتم فيه رمي تلك الأحجار في منى. يُطلق هذا الاسم على هذا الموقع لأن الحجارة تُرمى وتُقذف هناك، وأيضًا لأن الحجارة تتجمع في هذا الموقع، ويجتمع الحجاج حوله.

عدد الجمرات الثلاثة هو كما يلي: الجمرة الصغرى التي تُسمى أيضًا الدنيا؛ وذلك لأنها أقرب الجمرات إلى مسجد الخيف. الجمرة الوسطى، والجمرة الكبرى المعروفة أيضًا باسم جمرة العقبة، وتقع في نهاية منى باتجاه مكة.

يجب أن نلاحظ أن مشروعية رمي الجمرات تعود إلى النبي إبراهيم عليه السلام. حينما جاءه جبريل عليه السلام وعرض عليه مناسك الحج، ووصل به إلى موقع جمرة العقبة، فاعترضهما الشيطان، وفي ذلك الوقت أخذ جبريل سبع حصيات وأعطى إبراهيم مثلهن، ثم قاما برمي تلك الحصيات وكبروا في كل مرة، وقام إبراهيم بتكرار الرمي عند الجمرات الأخرى.

حُكم رَمْي الجمرات في الحجّ
رمي الجمرات هو واجب من فرائض الحج، ويترتب على تركه فدية وكفارة. هناك ثلاثة حالات لترك رمي الجمرات وفقًا للعلماء:

ترك رمي جميع الجمرات: سواء كان ذلك بالسهو أو القصد، في هذه الحالة يترتب على الحاج دفع الفدية وفقًا لاتفاق أهل العلم.

ترك رمي جمرة أو أكثر: العلماء اختلفوا في هذه الحالة، فقال الحنفية أنه يجب على الحاج إعطاء صدقة لتركه رمي جمرة واحدة من الثلاثة. وقد استدلوا على ذلك بأن رمي الجمرات الثلاث يعتبر نسكًا واحدًا، لذا يلزم صدقة عند ترك جمرة واحدة. أما الفدية فيلزمها لمن ترك أكثر من نصف الجمرات، بناءً على اعتبار ترك الأكثر. وقال محمد وأبو يوسف أن الفدية غير واجبة في هذه الحالة. أما المالكية والحنابلة فقد قالوا بوجوب الفدية عند ترك رمي جمرة أو أكثر، وأيضًا بوجوبها عند تأخير الرمي إلى الليل، حيث إن وقت الرمي نهارًا وليس ليلاً.

ترك رمي حصاة أو أكثر في كل جمرة: يترتب على ذلك إعطاء صدقة وفقًا للشافعية والحنفية والحنابلة. أما المالكية فقد قالوا بوجوب الفدية عند ترك رمي حصاة أو أكثر.

عدد الجمرات في الحج يبلغ سبعين حصة تُرمى يوم النحر وأيام التشريق الثلاثة (الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر). يُرمى جمرة العقبة يوم النحر بسبع حصص، ثم يرمى واحد وعشرون حصة في كل يوم من أيام التشريق، وبذلك يكون مجموع الحصص في كل يوم واحد وعشرين، وسبعين حصة في إجمالي أيام التشريق. إذا عجل الحاج وترك الرمي في اليوم الثالث عشر، فإنه يكون قد رمى تسعًا وأربعين حصة، وهذا مقبول وليس فيه إثم، حسب قول الله تعالى: "وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ" (البقرة: 203).

وقت رمي الجمرات يبدأ في يوم النحر من منتصف ليلته عند الشافعية والحنابلة، ومن طلوع الفجر عند الحنفية والمالكية. والسنة أن يتم الرمي بعد طلوع الشمس ويستمر حتى قبل غروب الشمس، وبعده يكون مكروهاً ما لم يكن هناك عذر مشروع.

أما وقت رمي الجمرات في أيام التشريق، فيبدأ بعد الظهر باتفاق العلماء. وإذا تأخر الرمي إلى الليل، فيتوجب قضاء الرمي عند المالكية وتترتب الفدية بسبب ذلك. ويجوز للحنفية تأخير الرمي إلى الليل قبل طلوع الفجر، والحنابلة أجازوا الرمي في الليل أو النهار للرُعاة والسُقاة