يهاتفني على الماسنجر صديقي الشاعر العراقي فارس مطر.. الذي أقام بالأردن مع عائلته عشر سنواتٍ حبّالات بأوضاع الوجع العربي؛ حتى أن أولاده يتكلّمون اللهجة الأردنية باحترافية عالية وأطباقهم الرئيسة المنسف والمقلوبة..! حين كان يهاتفني قال لي: أكلمك الآن من أمام مقبرة.. آه لو تراها يا كامل؛ هذه مقبرة يتمنى الإنسان أن يموت فيها..!
هو الآن في بلاد بيننا وبينهم تاريخ من الحروب الصليبية.. هو في بلاد لديها الإنسان هو الغاية!
يقول لي فارس الذي سكنه الشعر المباشر والخطابي وأنا ممن يحبّون هذا الشعر: الجميل فيك يا كامل أنك تكتب وأنت فوق الاسفلت.. وتمنّى لي أن أبقى ماشيًا فوق الاسفلت ولا أتغيّر..! فقلتُ له: أعدك إلّا إذا «شالوا» الاسفلت من تحتي..!
جمعتني بهذا الموصليّ ذكريات كثيرة وطويلة وعميقة.. كان الشارع العربي في كل جلسة؛ وكانت الموصل في كلّ لقاء.. وحين سقطت الموصل بيد «داعش» كنّا نتبادل الدموع الخافية والظاهرة على مرأى من الأسرار..!
ولن أنسى كيف رتّب لي موعدًا مع شاعر العراق العظيم «عبد الرزاق عبد الواحد» وكانت حلقته من أجمل حلقات برنامجي التلفزيوني «تنفيس مع أبو وطن»..!
رغم أن التكنولوجيا تقرّب الأشياء من بعضها.. ورغم أنك لم تغادر مساحاتي التي تحتوي كل ما كان بيننا؛ إلّا إنني أشتاق إليك كي أطبع على جبينك الحرّ قُبلة الكريم للكريم.
(الدستور)