نحو خطة وطنية شاملة للنهوض بالتعليم
فيصل تايه
20-12-2010 02:48 PM
عند الحديث عن أهمية التعليم وآليات تطويره وإصلاحه .. والعمل على إحداث نقلة نوعية على صعيد المخرجات لتحقيق التنمية المستدامة .. فإننا نطمح إلى وضع آليات جديدة وتقنيات متطورة .. وإحداث نهضة تنموية تساهم في تحقيق التحول النوعي في عمليتي التعليم والتعلم.. لأن المعرفة والعلم هما أساس بناء الإنسان والثروة الحقيقية ومستقبل الوطن المشرق .
لعلي استمعت إلى الكثير من الزملاء الذين يطمحون إلى إعادة هيكلة منظومة التعليم وفق رؤى تربوية حديثة ومعصرنة .. ولن يأتي ذلك بالتنظير أو المقالات ولا بالمقابلات أو النظرة التقليدية التي ما زالت تعشش في عقولنا بالرغم من التحولات الكبيرة على صعيد مخرجات التعليم .. ولا أريد في طرحي هذا أن أكون ضبابياً .. ولن ألقي باللائمة على أحد .. فلقد عمدت وزارتنا العتيدة _ وزارة التربية والتعليم _ إلى تبني سياسة تربوية رائدة رسمتها لعمل جاد .. فعمدت من خلالها على إقامة العديد من الشراكات الحقيقية مع مختلف القطاعات المحلية والدولية في سبيل بلوغ الأهداف التربوية المتطورة لمواكبة روح العصر .. ولكن ..!! ويبقى الدور الأساس على القطاعات العريضة من المتلقين لسياسة التحديث هذه .. وخاصة من هم في الميدان التربوي .. فإدراكنا أن وزارة التربية والتعليم قد صرفت الملايين في سبيل تأهيل الميدانين من معلمين وإداريين خاصة في مجال التعليم الالكتروني .. فبعض الدورات التربوية التحديثية التي يبقى مضمونها حبرا على ورق .. وتطوى مع الزمن .. ولا نستحسن تطبيقها أو استثمارها أو حتى استقصاء مخرجاتها لتراوح مكانها دون تطبيق فعلي لأهدافها الفعلية .. ولكن وللأسف نجد أننا نسعى جاهدين لنيل شهاداتها لنرتقي وظيفياً في سلم الدرجات ..
إننا ونحن نتحدث عن هذا الموضوع المهم بكل حيثياته ومضامينه لننشد الارتقاء بأنفسنا لبلوغ أهداف سامية حقيقة هدفها تطبيق سياسة تربوية رائدة مبنية على خطة وطنية شاملة للنهوض بالقطاع التربوي والتي تحتاج إلى تضافر جاد لكل الفعاليات التربوية ولا نخلي أنفسنا من المسؤولية .. لكي نسعى جميعاً لوضع مرجعيات تربوية وتعليمية لتكون منهاج ودستور عمل تربوي لأقطاب العلمية التعليمية بكل أطرافها .. فلنتشارك في طرح وجهات النظر ونتحاور بشفافية بعيدا عن المزايدات .. فالواقع لا يمكن نكرانه .. وحاجتنا إلى التجديد باتت ضرورية .. بل ونحتاج إلى ثقافة تربوية جديدة تضرب بعمق المجتمع التربوي الأردني لإحداث نقلة نوعية في نظامنا التعليمي .. الذي ما زال قائماً على الحفظ والتذكر .. بالرغم من تزاحم برامج الوزارة في مجال تحديث المنظومة التقليدية القديمة وعقد الكثير من الدورات التطويرية وكما أسلفت .. فسعينا ينبع من رغبتنا الجامحة والحقيقية في التحول إلى نموذج تعليمي نشط ومميز .. مبني على التفكير والإبداع والتفاعل واكتساب المهارات والخبرات .. مما يسهم في مواكبة التطور العلمي والتقني.. ليكن أنموذجا لنهضة العصر الحديث ..عصر الاقتصاد القائم على المعرفة .
ما نتمناه .. بل هو حلم بالنسبة للكثيرين .. هو وضع آليات تطويرية للنهوض بنظامنا التعليمي .. تمتد من رياض الأطفال إلى الجامعة .. وتكون مرتبطة بما يستجد من علوم حديثة مع العمل على مراجعة جادة تتعلق بتطوير للمناهج ورفع كفاءة المعلمين ..خاصة الجدد منهم .. وتحفيزهم للمزيد من العطاء .. وتحسين مستواهم المعيشي .. وتطوير بيئة التعليم لأبنائنا الطلبة.. فضلا عن تنمية نفوسهم بمهارات البحث لعلمي والتحليلي الأكاديمي .. واكتساب القدرات منذ الصغر .. ولن تتحقق هذه الأهداف إلا بإصرار الجميع للوصول إلى الغايات المرجوة .. فتطوير التعليم لا يقتصر على فئة معينة من أفراد قطاع التربية والتعليم فحسب بل ويجب أن يمتد إلى جميع من هم في موقع المسؤولية .. ليظهر نتاج عملهم وجهدهم على أطراف المجتمع الطلابي بكل مكوناته .
من هنا .. لا بد لنا من مراجعة ضرورية لمسيرة التعليم ومحاولة تجنب سلبياتها .. لبناء إستراتيجية تعليمية واضحة الملامح ذات برامج تنفيذية محددة مستفيدين من تجارب وخبرات العالم المتقدم و التي تناسب احتياجاتنا وبالتالي لنكون قادرين على إعداد جيل خلاّق مؤمن بعمله قادر على خدمة نفسه ومجتمعه ..ومتمسك بمضامين رسالة عمان الداعية إلى نشر روح المحبة ونبذ التعصب وتعظيم العلم واعتباره أداة لتطور الأمم والشعوب والحضارة الإنسانية .
إن وطننا بحاجة لسواعد أبنائه في البناء والتطور وذلك بانتهاج سياسات تنموية واضحة للنهوض والتقدم والحفاظ عل مقدراته ومكتسباته.. وفي مقدمة ذلك تطوير التعليم ليتواكب مع متطلباتنا الوطنية ويرتبط بأهدافنا الإستراتيجية .. وهذا ما تأمله من خطة وطنية شاملة تعالج كل جوانب الخلل المتراكم .. والتوصل إلى مضامين تساهم في إصلاح وتطوير التعليم .
يجب أن نحرص على إيجاد استراتيجيات بنائية .. وتحديث منظومة تكنولوجيا التعليم.. وبناء المشاريع التربوية الإستراتيجية.. وإسهام مختلف القطاعات الشعبية و الخاصة في التطوير والتحديث .. على ضوء مبادرة مدرستي .. التي هي أنموذجا للتشاركية بين كافة فئات المجتمع في مجال توفير البيئات التعليمية الآمنة .. و الإفادة من الخبرات المحلية ونظرة الخبراء والأكاديميين للشمولية والتغيير .. والاستفادة من تجارب الدول المتقدمة والاستعانة بمجموعة من الخبراء العالميين الذين سيكون لهم دور فاعل في إعادة هيكلة نظامنا التعليمي ومحاولة رصد الجوانب التي تحتاج إلى تطوير وفق خطط ممنهجة تحاكي الدعوات الجدية للتطوير .
ولا بد لنا هنا أن نشير إلى مسألة هامة تتعلق بالحفاظ على كفاءة النظام التعليمي الأردني .. فمشهود لنا بالخبرة المميزة والعمل الجاد والكفاءة .. وكي تكتمل الصورة في ذلك .. نحتاج إلى رفع قدرة المناهج على التعامل مع الثورة المعلوماتية.. وتفعيل دور الأنشطة اللامنهجية في تحقيق أهداف المنهج.. والتعويل على التعليم في دعم القيم التي جاءت من أجلها الحضارة الإنسانية والحفاظ على الهوية العربية الإسلامية في ظل الانفتاح غير المحدود على العالم .
ولا بد لنا أيضا من استذكار للعوائق التي أثرت سلبا على جودة التعليم وشكلت عقبةً في طريق عملية الإصلاح التربوي.. ودراستها .. واقتراح البرامج والمشاريع المستقبلية التي من شأنها الارتقاء بالواقع التعليمي إلى الأفضل. واستشارة ذوي العلاقة من مؤسسات وأكاديميات وجامعات لدعم وتطوير التعليم. . وكيفية تفعيل التكنولوجيا المتطورة بشكل ثري.. لوضع تصور لكيفية تحويل هذه المحاور إلى إجراءات عملية تنفيذية.. بل يجب تشكيل فرق عمل لدراسة هذا الغرض بمشاركة الإدارات المدرسية.. والإرشاد التربوي ..وفرق لدراسة ضبط الجودة وبرامج إعداد المعلم قبل وأثناء الخدمة.. ومجموعات عمل لدراسة المناهج والقياس والتقويم.. ودراسة المراحل التعليمية كافة.. وبحث تقنية المعلومات .. وفئات تواصلية مجتمعية للنظر في كيفية إشراك القطاع الخاص في تطوير التعليم.. ولمشاركة في صياغة جادة للخطة التي نطمح لها.. لتكون مضامينها بالفعل حجر أساس في إعداد البرامج العملية والتطبيقية لتفعيل رؤية وأهداف وإستراتيجية التعليم.. ليضيف بعدا مهما وإثراء كبيراً لعملنا التربوي ..
نرفع أيادينا متضرعين إلى الله عز وجل أن يأخذ بنا إلى أسباب النجاح والتقدم لما فيه رفعة أردننا العزيز الغالي .
Fsltyh@yahoo.com