الذكاء الاصطناعي يسرع النمو الأخضر
م. حمزة العلياني
26-04-2023 12:00 AM
جلب عام 2023 موجة جديدة من الاهتمام بالذكاء الاصطناعي (AI)، مدفوعة بالرغبة في المخاطرة والطلب على شركات التكنولوجيا، حيث تم تداولها بشكل كبير في عام 2022، وكان العامل المحفز لهذا التوجه هو روبوت الدردشةChatGPT ، حيث يمكن أن يؤدي التطوير الإضافي لروبوت الدردشة إلى بدء البرمجة بلغات مثل Python ونشر الوصول إلى أدوات الذكاء الاصطناعي بطريقة قوية تؤثر على الإنتاجية وسوق العمل في الاقتصاد الأخضر. حيث يتوقع أن يساهم الذكاء الاصطناعي بقيمة 320 مليار دولار في اقتصاد المنطقة العربية بحلول عام 2030.
إن الاستراتيجية الأردنية للذكاء الاصطناعي والخطة التنفيذية (2023-2027)، تتضمن رؤية طموحة وواضحة للارتقاء بالأردن ليكون من الدول الرائدة والمنافسة على مستوى المنطقة بالذكاء الاصطناعي من خلال تهيئة بيئة تشريعية وتكنولوجية وريادية جاذبة للاستثمار وتوفر الموارد البشرية المؤهلة والمدربة والبنية التحتية الرقمية. وذلك لتعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي في القطاعات الاقتصادية الخضراء بما في ذلك الصحة والتعليم والخدمات المالية والطاقة والتكنولوجيا النظيفة والأمن والاتصالات والنقل، وكذلك دعم الشركات الوطنية الناشئة العاملة في القطاع.
أصبح الذكاء الاصطناعي بالفعل المحرك الرئيسي للتقنيات الناشئة، من البيانات الضخمة إلى الروبوتات وإنترنت الأشياء.
يعدّ الذكاء الاصطناعي أهم متطلبات التحول الاقتصادي في الوقت الحالي، كما يمكن دمجه في العديد من الجوانب التقنية بسرعة وكفاءة، وهذا يتوافق مع تقرير التكنولوجيا والابتكار لعام 2023، الصادر عن الأونكتاد، الذي سلط الضوء على الفرص التي تتيحها الابتكارات الخضراء كالسلع والخدمات ذات البصمة الكربونية الأقل للبلدان النامية لتحفيز النمو الاقتصادي وتعزيز القدرات التكنولوجية.
تمثل التقنيات السبعة عشر التي يغطيها التقرير، ومنها: الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، والهيدروجين الأخضر، سوقا بقيمة 1.5 تريليون دولار، مع إمكانية نمو ليصل حجم السوق إلى أكثر من 9.5 تريليونات دولار بحلول عام 2030، وهذه فرصة للحكومات وللقطاع الخاص للاستثمار في قطاعات أكثر تقدما وأكثر اخضرارا، وتعزيز المهارات التقنية وزيادة الاستثمارات في البنية التحتية التكنولوجية اللازمة لتنمية الصناعات الخضراء، وتبني الاقتصاد الدائري.
تشير دراسة أجراها مركز دراسة العلوم والتكنولوجيا والسياسة (CSTEP) إلى أن هناك أربعة أدوار رئيسية المعقدة لدعم التكيف مع تغير المناخ وجهود التخفيف، تشمل تحليل البيانات الكبيرة والخام، والتنبؤ، والنمذجة العلمية المتقدمة والمحاكاة وتبسيط الأنظمة. وتعد قاعدة البيانات العالمية للفيضانات لدى منصات «كلاود تو ستريت» بمثابة تقدم تكنولوجي لرسم خرائط الفيضانات ودمج بيانات الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء «ناسا» والإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي الأميركية لتتبّع الفيضانات في جميع أنحاء العالم.
فآخر الإحصائيات التي تقدر كلفة معالجة 3 كوارث مناخية فقط (الفيضانات وحرائق الغابات وزيادة حرارة الأرض درجة واحدة) كانت 150 مليار دولار العام 2020 وأكثر من 170 مليار دولار العام 2021، أي ما يشكل ضعف ما كان على الدول المتقدمة أن تجمعه في صندوق المناخ سنوياً ولم تفعل! إذ تنص اتفاقية باريس على أن تضخ الدول المتقدمة في صندوق المناخ مائة مليار دولار سنوياً مع البدء بتطبيق هذه الاتفاقية.
يمكن لنماذج الذكاء الاصطناعي التي نبنيها أن تؤدي بشكل مباشر إلى تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، حيث تساعد في صنع أفضل سياسات التخفيف من آثار تغير المناخ باستخدام بيانات عالية الجودة وتكنولوجيا مفتوحة المصدر، وبالتالي هذا يمنحنا الكثير من البصيرة في صياغة السياسات بتحليل هذه البيانات.
الذكاء الاصطناعي يمكن أن يرفع إنتاجية العمالة، حيث بيّن تقرير «غولدمان ساكس» أنه بمجرد تبني نصف الشركات في العالم تقنيات الذكاء الصنعي، يمكن أن ينمو إجمالي الناتج المحلي للعالم بمعدل 7 % سنوياً خلال الأعوام العشرة التالية، وتعادل هذه الزيادة في إجمالي الناتج المحلي العالمي نحو 7 تريليونات دولار، كما ستكون هناك زيادة في الطب على العاملين في مجال الاقتصاد الأخضر ومجالات اقتصاد البيانات والذكاء الاصطناعي، إضافة إلى الأدوار الجديدة في الهندسة والحوسبة وتطوير المنتجات.
الأردن يسير بخطى ثابتة نحو التحول الأخضر حيث أصبحت من الدول الرائدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في دعم الابتكار وتحسين فرص العمل في مجالات الاقتصاد الأخضر والأنظمة الرقمية، كذلك فإن الأردن أصبح من أهم الدول المصدرة للكفاءات المؤهلة في الحقول المتصلة بتكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني وغيرها من الجوانب ذات الصلة بالثورة الصناعية الرابعة. هذه الميزات المهمة بحاجة الى قطاع خاص يعمل على استثمارها في أساليب وتقنيات الإنتاج الذكية، مما يؤدي الى تحقيق الإدارة المستدامة للاقتصاد والاستخدام الفعال للموارد الطبيعية والبيئية.
(الغد)