رحيل الشيخ نوح .. في القلب غصة ..
محمد حسن التل
20-12-2010 11:49 AM
فجر أمس فـُجع الأردن بغياب واحد من فرسانه الأشاوس الذين لا يخافون في الحق لومة لائم ، الشيخ الجليل نوح سلمان القضاة ، الذي لبى نداء ربه ونحسبه راضياً مرضيا.
الشيخ نوح العالم الجليل ، والإداري الحازم ، ضرب خلال خمسين عاماً من المسؤولية أروع المثل بأن يكون العالًم في خدمة علمه ورسالته ، بعيداً عن كل أهواء الدنيا وصغائرها.
لقد كان الشيخ الراحل إلى ربه نموذجاً رائعاً في الفقه والافتاء ، وكان واسع الاطلاع رحمه الله. عندما يغادرنا الشيخ الجليل لا بد لنا من الشعور بالخسارة الكبيرة إزاء هذا الطود الذي ظل ينادي بالناس نداء الإسلام ، حتى لفظ أنفاسه الأخيرة ، كان الراحل لا يجامل في علمه أبداً ، وكان مثالاً كبيراً لكل العلماء ، وعنواناً عريضاً لسماحة الإسلام ، وجرأة الإفتاء في الحق ، لم تغيره الدنيا ، ولم يخضع للمناصب ، رغم أنه تقلد الكثير منها ، وكان رحمه الله لا يتمعر وجهه إلا غضباً لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وعقيدته.
في كل المواقع التي تسلمها ، كان يضع نصب عينيه الحياء إلى الله ، ومصلحة الأمة ، والحفاظ على الفقه والإفتاء بعيداً عن الأهواء والمساومات ، وكان يعلم تمام العلم أن مسؤولية العلماء أكبر في كثير من الأحيان من مسؤولية الساسة.
وابتعد في قراءته للإسلام عن كل ما طغى على السطح في الزمن الرديء للأمة الذي شكل صدى بائساً للحالة المزرية التي تعيشها هذه الامة ، وحافظ على صفاء فكره وصدق رؤيته.
لقد تركت دراسة القرآن الكريم عند الشيخ الجليل ، سمو الفكرة ، وصدق النهج في التربية والدعوة.
يتركنا الشيخ نوح ونحن بأمس الحاجة إليه في هذا الزمن الصعب ، حيث اختلطت المفاهيم ، ولم نعد قادرين على التفريق بين الغث والسمين ، وبين الادعاء والصدق.
يترجل الشيخ والأمة مثخنة بالجراح ، وهي أشد ما تكون بحاجة إلى أمثاله.
رحمك الله يا سيدي ، فقد قضيت عمركَ وأنت في محراب الإسلام ، فارساً صادقاً في الدعوة والتربية والافتاء وسنظل نذكر يا شيخنا نصائحك وتوجيهاتك ما حيينا.
إن رحيل الشيخ نوح شكل خسارة كبيرة ليس على مستوى الوطن فقط ، بل على مستوى الأمة ، وترك رحيله في القلب غصة عميقة ، ولكنه الموت قانون الله تعالى فرضه على عباده جميعاً والذي لم يستثن منه حتى نبيه وحبيبه سيدنا مُحمد صلى الله عليه وسلم ، والذي نقف أمامه راضين محتسبين ، (إنك ميت وإنهم ميتون).
ألا إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك يا شيخ نوح لمحزونون ، ولا نملك إلا أن نردد قول المصطفى صلى الله عليه وسلم في مثل هذه المواقف إنا لله وإنا إليه راجعون.
* عن الدستور للزميل رئيس تحريرها المسؤول ..