facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




هذه السهول والأودية الجميلة ؟!


اللواء محمد البدارين
24-04-2023 09:31 PM

(ها هو شرق الأردن ، ميراثنا ، حقول واسعة كالبحر ، فأدركت لماذا سمّى الرومان هذا الجزء من ارض إسرائيل ، أمن فلسطين ، فقد كان في ذلك العصر أهراء الشرق الأوسط ، واليوم وبالرغم من اهمال هذه المنطقة ينبت العشب بين الحجارة التي تغطي الحقول حتى اللانهاية ، عشب أخضر وطويل ومرغوب ، وبدت البلاد شبه مقفرة تماما ، ولا ترى على مدى المساحة الواسعة الممتدة سوى جمل او اطلال لبدوي ..) هكذا يصف مناحيم بيجن بلاد الأردن ، حين وصلها اول مرة عام 1942 قادما من بولندا عبر العراق ، وحين يقترب من نهر الأردن يقول انه رأى قليلا من الناس وبعض الحقول المزروعة بالقمح ، فترجل من السيارة للاستراحة وتقدم قليلا على العشب ليستنشق رائحة حقول وطنه!

وقبل ان يدلي بيجن بملاحظاته هذه ، بمائة عام ، كان هناك تشرتشل اخر ، يدلي بخطاب سنة 1840 في منزل زعيم الطائفة اليهودية في دمشق ، يقول فيه ( ان هذه السهول والاودية الجميلة التي يقطنها حاليا العرب الجوالون وتعاني من الخراب بسببهم بعد ان كانت مثالا للوفرة والرخاء وتملأ ارجاءها أغاني بنات صهيون ، ستعود لإسرائيل في ساعة قريبة ، فاقتراب الحضارة الغربية من هذه الأرض يمثل فجر نهضتها الجديدة ، فلتستعد الامة اليهودية نهضتهتا بين الأمم وليثبت احفاد المكابيين انهم مثل اسلافهم العظماء ) وبدا خطاب الكولونيل البريطاني تشارلز تشرتشل شبيها بخطاب نابليون عام 1799 ، لكنه كان يرى انه سيحقق ما عجز عن تحقيقه نابليون ، ففي عهده تمكن البريطانيون من احتلال عكا التي كانت قد استعصت على نابليون ، وتم طرد الجيش المصري من كل بلاد الشام ، وابقيت البلاد تحت سيطرة الرجل المريض ، لحين استكمال الاستعدادات لوفاته ، والتفاهم بين الورثة غير الشرعيين على اقتسام تركته الكبيرة.

فطوال القرن الأخير من عمر الإمبراطورية العثمانية المريضة ، تكثفت النشاطات الاستخباراتية البريطانية والفرنسية في المنطقة بشكل محموم ، ووافقت الحكومة العثمانية على فتح المزيد من القنصليات الأوروبية التي اتسعت نشاطاتها وتدخلاتها السافرة ، وكان المشروع الصهيوني حاضرا في كل تلك الأنشطة ، ولم تنفع تقارير صحيفة فلسطين التي كانت تتابع التغلغل الصهيوني في البلاد وتحذر منه ، قبل وعد بلفور بسنوات طويلة.

فمنذ القرن التاسع عشر ، تزايد نشاط القناصل البريطانيين، ومن بين أوراق كثيرة رسمية وشبه رسمية ، تبرز كتب القنصل البريطاني في القدس (جيمس فن ) الذي بعد ان انتهى من استطلاع كافة ارجاء فلسطين ، عبر النهر شرقا عام 1855 على رأس فريق من الرجال والنساء وقام باستطلاعات واسعة النطاق في الأردن ، فهو مسيحي صهيوني ، وطغت على كتاباته مسحة توراتية مكثفة.

لكن جيمس هذا ، لم ينكر وجود الناس في الأردن على الاطلاق ، كما انكر وجودهم مناحيم بيجن ، والشيخ عبد المنعم أبو زنط لاحقا ، فقد رأى رجالا ونساء واطفالا في انحاء شرق الأردن ، واقرّ مشكورا بوجود مدينتي السلط والكرك والكثير من القرى والأماكن التي لا تزال تحمل نفس الأسماء مثل المشقر وحسبان وماركا والشميساني وصولا الى جرش وصمّا ، وامعن النظر في السهول الخصبة والحقول الواسعة والغابات ، وقطعان المواشي والخيول ، ويصف نهر عمّون ، عمّون التي يعرف ان اسمها تحول الى فيلادلفيا ثم الى عمّان ، عمّان التي سيغني لها فارس عوض وغادة عباسي ، اخطر الأغاني واعذبها في عصرها الزاهر ، مثلما غنى الجنود لها ولعيون الأميرة بسمى والبنات ، في معركة الكرامة ، وهم يخضبون الاودية والسهول الجميلة بدمائهم.

ويصف جيمس بالتفصيل ، أحوال البلاد في ذلك الحين ، ويشير الى قوى النفوذ والسيطرة فيها ، ويشرح ظروف مقابلته للشيخ ذياب العدوان الذي يصفه بأنه رجل عظيم حاد النظرات كصقر متحفز للانقضاض ، وحين يصل جيمس الى أم قيس شمالا سيتجه مع فريقه الى منحنى نهر اليرموك ، وسيتذكر في ذلك المكان المعركة العظيمة التي حقق فيها خالد الشرس وابوعبيدة المتسامح النصر عام 627 ، حيث تقرر مصير فلسطين ، وانفتح طريق المسلمين الى القدس.

ولم ينسى جيمس في استطلاعاته وملاحظاته ، المرأة في شرقي الأردن ، فيصف نشاطها ولباسها الطويل الأسود ، وشعرها غير الممشط وشفاهها الخالية من احمر الشفاه ، ويقول (بالرغم من ذلك فان كل النساء يمشين بكبرياء All walking with dignity of step)
واذا كان المقال ، بطبيعته ليس بحثا ، فاننا نكتفي بهذه الإشارات الضرورية التي تثبت ان هذا التطرف التوراتي الذي بات يقود السلطة والمجتمع في إسرائيل حاليا ، ليس ابنا فكريا للحداثة الغربية التي قامت على فلسفة فصل الدين عن السياسة وموت الاله ، فهو في مرجعياته الفكرية منغلق جدا على رواياته الدينية العمياء ، وتدعمه اتجاهات مسيحية صهيونية ، وهو في حقيقته وطبيعته مشروع مركب ومعقد ، يحتوي في داخله أطماعا لا حدود لها ، ونلاحظ يوميا انه باتت لهذه الاتجاهات الصهيونية ذيول واتباع في العالم العربي ، و في فلسطين والأردن خصوصا ، وتقدم هذه الذيول نفس الطروحات الصهيونية المتطرفة ، و تفضحها بدل ان تخفيها اساليبها السطحية المتبعة لإخفاء الاهداف ، حيث يقع هؤلاء الذيول بكثير من الأخطاء المكررة الناتجة عن الاستعجال والتسرع ، و عدم القدرة على الإحاطة بكل ما يجب الإحاطة به من عوامل ومتغيرات مستقلة ومعترضة تفرزها حركة الواقع التي لا تتوقف..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :