لم أتعامل مع المرحوم مضر بدران وظيفياً أو اجتماعياً، نظراً لفارق السن وعدم قربي من الوظيفة الحكومية، إلا أن ما سمعته من أصدقائه ووزرائه شكل عندي صورة رجل الدولة ورجل المراحل ورجل الحكمة.
فقد حدثني ذات مرة القاضي والحكيم الأستاذ سالم مساعدة - أعطاه الله الصحة والعافية - والذي كان وزيراً للمالية في حكومة بدران غير مرة قائلاً: بحياتي لم أعرف مسؤول حريص على أموال الدولة مثل أبو عماد.
وذكر إبان إحدى وزاراته بأن المسؤولين أخبروه بأن باخرة القمح المتجهة الى الأردن قد جنحت في عرض البحر ، فسألهم سؤالين ، كم يكفي مخزون القمح لدينا ? وماهي الفترة المتوقعة لوصول الباخرة ? وجاء الجواب مفجعاً إلى أبو عماد ، بأن المخزون من القمح يكفي لمدة أسبوع ، وأن باخرة القمح قد تحتاج أربعة أسابيع أو أكثر حتى تصل ميناء العقبة ، فوقع عليه الخبر كالصاعقة ، فاتصل برئيس الحكومة السورية وشرح له الوضع ، فطلب منه إرسال الشاحنات لتحميل القمح حسب الحاجة ، وكان له ذلك ، وأصدر فوراً بإنشاء صوامع حبوب في عمان واربد والعقبة وعلى وجه السرعة .
يأسرك هدوء مضر بدران وتوازنه وحكمته وأريحيته، يعمل بصمت ، يقرر بصمت ، ينفذ بصمت ، مقل الكلام إلا بالمفيد.
نبتهل إلى الله العلي القدير أن يتغمده بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته.