السودان ويستمر الألم العربي
م. عبدالله الفاعوري
01-01-1970 02:00 AM
كلما تقدم بنا الزمان نعاين ونشهد على أوجع العرب وآلامهم، حروبا أهلية وتشريدا وقتلا للأبرياء وعدم استقرار يخيم على أقطار الوطن العربي من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه، فالعراق وسوريا وليبيا ولبنان والآن السودان؛ نزيف بالدماء العربية نزيف بالمصالح العربية نزيف بالخيرات العربية نزيف بالمستقبل العربي، وإلى متى تبقى الخيرات العربية لقمة سهلة الافتراس أمام مصالح الغرب؟.
قالها ابن خلدون في مقدمته قبل قرون من الزمن، وهي إجابة لكثير من التساؤلات التي تضع الحليم حيران، إن العرب لا يحكمون إلا بصبغة إسلامية، فالعرب قبل الإسلام كانوا قبائل متناحرة تتقاتل في سبيل مصالح دنيوية، على مال وجاه وسلطان وغيرها من زينة الدنيا، واستمر هذا التناحر العربي حتى جاءت الشريعة الإسلامية الغراء ونظمت أمور وشؤون القبائل العربية واقامت دولة الإسلام التي جابت الشرق والغرب ونشرت كلمة التوحيد في أرجاء المعمورة وكان هذا الوسام الإسلامي تكريما ربانيا للعرب ليحملوا لواء الإسلام. ولو عاينا التاريخ الإسلامي وتجولنا في حقبات الدول الإسلامية الأموية منها والعباسية والعثمانية لوجدنا أن هذه الدول التي تسيدت وسيطرت كانت تسكن في مساكننا في العراق ودمشق والشام فليست العبرة بالمنطقة الجغرافية ولو نظرنا في توزيعها الديموغرافي لوجدنا تشابها كبيرا إلى حاضرنا إلى حد كبير، فما دامت جغرافية المنطقة واحدة والطبيعة السكانية واحدة لكن ينقصنا التكاتف والتجمع في التوجهات والمصالح وتفعيل دور الوحدة العربية بهيكل إسلامي يقود تمتين الجبهات الداخلية لجميع الأقطار ويشكل ذلك سدا منيعا لحماية المقدسات أن الملك عبد الله الثاني دوما ما يسعى لتحقيق التقارب العربي وحل النزاعات العربية وهذه سياسة مستمدة من الملك الحسين -رحمه الله-.
وبعد معاينة الأوضاع العربية بشكل العام لو تحدثنا عن السودان، لوجدناها مثالا للدول ذات البيئات الخصبة للانقلابات العسكرية فلو عدنا للنماذج الشبيهة للسودان لوجدنا جميع الدول التي يحدث فيها انتقال سياسي نابع من انقلاب عسكري تعود للوراء في كافة الصعد لأن ذلك في الغالب يقود إلى نزاع مسلح ينتج عنه عدم استقرار يفسح المجال للميلشيات المسلحة المتطرفة أن تنخرط في هذا القطر ولنا في العراق مثال وفي ليبيا مثال أيضا. لنعلم أن أي دولة تشهد قلاقل سياسية يكون السبب تمهيدا للكيان الصهيوني بالامتداد فما يحدث بالسودان هو خطوة في طريق دولة الكيان لتحقيق الحلم بإقامة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات، أننا نتمنى من الشعب السوداني الوقوف في صف من يستطيع تحقيق الاستقرار للدولة لان القلاقل هذه لن تقود إلا إلى تقسيم السودان، ونسأل الله أن يحفظ أمتنا من كل مكروه.