عمون - قد أُثِيرت آراء مختلفة بين العلماء فيما يتعلق بحكم إطلاق اللحية، وتنوعت الأقوال كما يلي:
القول الأول: يقول بوجوب إطلاق اللحية والتزام المسلمين بها. يُستدل على ذلك بالأدلة التي تشير إلى وجوبها، مثل قول النبي محمد -عليه الصلاة والسلام-: "أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى".
القول الثاني: يقول بأن إطلاق اللحية ليس واجبًا، بل يُنصَح به أو يستحب. يرى أن بعض الأدلة تشير إلى التوجيه والاستحباب، وأنه قد يرتبط أيضًا بصفات الفطرة المستحبة. ويتضمن هذا القول الشافعية وبعض الحنفية والمالكية والحنابلة.
قد تعارضت النصوص فيما يتعلق بإطلاق اللحية وعدم إلتزامها، وذكرت النصوص التي يُشار إلى أن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- كان يهتم بطول وعرض لحيته، وهذا يشير إلى أن الإعفاء والتساهل ليسا واجبين بل مستحبين، وهذا يعني كراهية حلق اللحية.
تباينت آراء الفقهاء في حكم حلق اللحية، وجاءت كالتالي:
الشافعية: يرون أن حلق اللحية مكروه ويذكرون عشر خصال من اللحية تكره، وتختلف درجة الكراهة بينها. ويُستحب للنساء حلق شعر اللحية إذا نبت لديهن.
الحنفية: يرون أن حلق اللحية محظور شرعًا، وأن السنة في اللحية هي أن تكون بحجم قبضة اليد، ولا يجوز أخذ أي جزء منها لتصبح أقل من قبضة اليد أو حلاقتها بالكامل.
المالكية: يقول الإمام مالك بتحريم حلق اللحية للرجل، ويجوز أخذ الزائد منها لتحسين المظهر.
الحنابلة: يقولون بالإعفاء من اللحية وعدم أخذها ما لم يكن طولها زيادة كبيرة عن قبضة اليد، ويُحظر حلقها، ويجوز أخذ ما زاد عن قبضة اليد.
يجب أن نلاحظ أن هذه الآراء والأحكام المذكورة تتعلق بالحالات العادية. أما إذا كان إعفاء اللحية أو إطلاقها يسبب مشكلة عائلية أو وظيفية، فينبغي أن يُخطَر بهؤلاء العلماء، وذلك لأن كل حالة يتم تقديرها بحسب الظروف.
تخفيف اللحية أيضًا كان موضوعًا يبحثه العلماء، وقد تنوعت آراؤهم في ذلك:
الحنابلة والحنفية: يرون جواز تخفيف اللحية إذا زاد طولها عن قبضة اليد، واستدلوا على ذلك بما قام به عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- من قص اللحية والشارب عند إزالة الإحرام. ويرى الإمام ابن حجر أن هذا الفعل كان خاصًا بنُسك الحج أو العمرة، ولذلك يُأخذ منها بما لا يتجاوز طولها أو عرضها.
المالكية: يرون عدم وجوب تخفيف شعر اللحية، سواء كان طويلًا أم قصيرًا.
الشافعية والحنفية: يرون جواز تخفيف اللحية من الجزء السفلي أو الجانبي إذا كانت طويلة، ويجب غسلها فقط إذا كانت قصيرة بحيث تُظهر البشرة.
هناك العديد من السنن والمكروهات المتعلقة باللحية، وتشمل ما يلي:
يُستحب احترام وترتيب اللحية، وذلك استنادًا إلى قول النبي محمد -عليه الصلاة والسلام-: "من كان له شعر فليكرمه".
يُستحب تطييب اللحية وتعطيرها بأجود الطيب، وذلك استنادًا إلى حديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- التي قالت إنها كانت تطيب النبي -صلى الله عليه وسلم- بأجود ما تجد.
يكره تبييض اللحية لتظهر الشيخوخة أو للسعي وراء مكانة معينة.
يكره نتف الشيب.
يكره عدم تهذيب اللحية تعبيرًا عن التزهد.
إطلاق اللحية له أهمية كبيرة، حيث تعد الشعائر الدينية التي تتعلق بها من أعظم الشعائر، فالالتزام بها يعكس تقوى الله وخشيته، وتُعد اللحية جزءًا من الفطرة التي حافظ عليها الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- جميعهم. وقد ثبت في صحيح الإمام مسلم أن النبي محمد -عليه الصلاة والسلام- قال: "عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية..."، وقد فسر بعض العلماء السنن الفطرية بأنها السنن القديمة التي حافظ عليها الأنبياء، والتي يجب على الفرد الالتزام بها.
حكم حلق الشارب وحفه يختلف بين الفقهاء، وتنوعت آراءهم كما يلي:
الشافعية: يرون كراهية حف الشارب من جذوره، وما ورد في السنة يُراد به حف طرف الشفة، ويستحب قصه.
الحنفية: يرون أن السنة هي حلق الشارب، ويُفضل الحلق عن القص الذي يتم بالأخذ من الطرف العلوي للشفة العليا.
المالكية: يستدلون بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى" على أمر قص الشارب، أما حلقه فمنهي عنه.
الحنابلة: يرون أن الأفضل هو قص الشارب وإعفاء اللحية، اقتداءً بالنبي -صلى الله عليه وسلم-.
تتضمن هذه الآراء تفصيلًا حول حكم حلق الشارب أو حفه. ومن الجدير بالذكر أن الشارب هو الشعر النابت فوق الشفة العليا، ويمكن أن يعنى بالإطار الذي يستخدم للشرب.
يرجى ملاحظة أن هذه الآراء تعبر عن الأوضاع الطبيعية. قد يختلف الحكم في حالة وجود مشاكل عائلية أو وظيفية تنجم عن حلق الشارب، وفي هذه الحالات يجب استشارة العلماء، حيث يتم تقدير الحكم وفقًا للظروف المحيطة.