عندما تغيب المعايير عن الإدارة العامة
د. علي خلف حجاحجة
19-04-2023 12:12 PM
عندما تغيب معايير القياس عن الإدارة العامة، تسود الفزعة والآراء الشخصية والأهواء وتبادل المنافع ورد الجمائل وتتراجع الكفاءة وتتقدم (الفهلوة) وتذبل الدافعية وتنسحب المهارات لصالح العلاقات المشبوهة.
عندما تغيب المعايير تغيب المؤسسية وتسود الإقطاعيات وتغيب المؤسسات، وتكثر الإجتهادات والفتاوى ويتقدم جيل الزبانية من المفتين في الإدارة العامة.
عندما تغيب المعايير لا يملك المسؤول جوابا بل ويضعف عن المحاججة ويميل نحو الدهلزة والكذب (وما أسوأ المسؤول الكذاب).
عندما تغيب المعايير يتراجع الرجل الأول وتتقدم الحاشية والزبانية والمتنفعون المحيطون به فيرونه ما يرون ويغمضون عينيه عن ما لا يريدون.
عندما تغيب المعايير يتولى الضعاف تجار الكلام والمتنطنطون والمتسكعون في ردهات المؤسسات لأنهم الأقرب فيسترقون السمع ويقتنصون الفرص ولأنهم لا يعملون فهم حكما لا ولن يخطئون في الوقت الذي يغرق المخلصون في إخلاصهم وجدهم واجتهادهم فيدفعون ثمن خطأ عارض أو سهو أو عن غير قصد.
عندما تغيب المعايير تغيب العدالة والنزاهة والشفافية وتختل منظومة القيم، بل وتصبح هذه المنظومة خاضعة للتفصيل والإجتهاد والمساومة وأخذ الخواطر.
عندما تغيب المعايير تنتشر الرشوة والهدايا والأعطيات وتسود الفوضى ويصبح الفساد مباحا ويخضع لوجهات النظر ويجلس على طاولة البحث.
عندما تغيب المعايير فما يراه هذا المسؤول نقطة قوة يراه مسؤول آخر نقطة ضعف وما يبنيه مسؤول يهدمه آخر وما يشجعه مسؤول يهاجمه غيره وما يرتقي موظف بسببه يكون هو مقتل موظف آخر.
عندما تغيب المعايير يموت المخلصون قهرا في اليوم الف مرة ويفرون بما تبقى لديهم من أمل فيجدون في الإنسحاب أملا أو في البحث عن من يقدر جهدهم ويحترم عقولهم وعادة ما يجدون ضالتهم خارج وطنهم.
عندما تغيب المعايير يصبح الموظف الحليم حيران فيدفع المخلصون الثمن ويدفع الوطن والمواطن الثمن صبح مساء.
عندما تغيب المعايير.. إقرأ على الإدارة العامة السلام.