الخصاونة والحق بالأمل ومغادرة المحاذير
د.مهند مبيضين
18-04-2023 02:01 AM
عمليًا، تعاملت حكومة الدكتور بشر الخصاونة خلال العامين الماضيين مع تركة ثقيلة (متبقيات الوباء) ومهمات جديدة كبيرة على صعيد تحديث المنظومة السياسية والتحديث الاقتصادي والإصلاح الإداري، وقد شارك في كل أعمال اللجان نخبة أردنية فاعلة في المشاهد الثلاثة (سياسة – اقتصاد – إدارة)، وقد آل هذا الجهد في هذه المسارات الثلاثة إلى قوانين وانظمة واقتراحات وتوصيات مختلفة، باتت اليوم في مختبر التجربة والميدان وبين يدي الشعب.
من الناحية السياسية، فإن الأمور باتت واضحة - فيما يخصّ الانتخابات والأحزاب - وهو أمر بات في يد الشعب والنخبة السياسية الأردنية، ولعلّ في السلوك الأردني نحو الحياة الحزبية وتداول السياسة عند الأردنيين ما يحتاج التفكير أكثر والإمعان في المسار العام للمجتمع وتحولاته، ويجب الـتأكيد على أن كثيراً من الناس يرون أن الحزبية تحتاج إلى مناخ سياسي أفضل وتداول في النخبة وعدم تكرار الوجوه وان من يتصدرون المشهد لا يلبون الطموح.
من الناحية الإدارية وإصلاح الإدارة العامة، فإن الحكومة قطعت شوطًا كبيرًا في هذا المجال، وهو أمر في غاية الأهمية، وبدت معالم الرقمنة والخدمات المتاحة من خلالها أفضل، كما أن انشاء مراكز خدمية موحدة جامعة للناس في مكان واحد هو أمر في غاية الأهمية، وتحاول الحكومة تحديث الجهاز الإداري وتطويره.
ولا يقل الجهد في الاقتصاد عنه في الإصلاح الإداري أو التحديث، وهناك مؤشرات اقتصادية جيدة ومقبولة، مع دخول قانون تشجيع الاستثمار حيز تنفيذه، ومع انخفاض مؤشرات البطالة، لكن ذلك لا يعنى اغفال ارتفاع حجم الدَّيْن العام.
صحيح أن أمام الحكومة تحديات، وهي تشهد نقدًا من النخبة السياسية والاقتصادية وقادة المجتمع، لكن علينا أيضاً الاعتراف أن الحكومة تواجه الكثير من التحديات، على المستويين الوطني والإقليمي، وهي متأثرة كذلك بأزمات العالم، هذه الأزمات ينبغي ان تدفع الدكتور بشر الخصاونة لمرونة في الحركة ومغادرة مناطق الحذر المعهودة والتفكير بطريق بديلة لتوظيف سمعة الاردن خارجيا.
المنطقة حولنا تتغير، وثمة شكل جديد للعلاقات الدولية، روسيا اعلنت وثيقة إطار تصنف امريكا عدواً، ومصر لديها أزمة حادة في الاقتصاد، وأوروبا تئن وتواجه تحدي فوضى ما بعد حرب اوكرانيا، والصين ثبتت اقدامها كبديل عن الضعف الامريكي.
وطنيّاً هناك نخب تنتقد حكومة الخصاونة وتنتقد السياسة بالمجمل، وهناك رجال دولة يدافعون عن الواقع الأردني، ويعرفون حجم الضغوط، وهناك واقع يفرض نفسه، وهناك من يدير ظهره، وغير مَعنيٍّ بالمشهد العام، ولديه من السلبية والتشكيك الكثير الكثير، لكن في النهاية هناك رئيس حكومة يضرب موعدا لنا مع الأمل بمستقبل جيد وايام جميلة لم تأت بعد. واعتقد أنه محق في ظل ما يصيب جوارنا واقليمنا وفي ظل تقديرنا لعناصر قوتنا وواقعنا، لكننا نحتاج لأن نعمل بشكل أفضل وان لا نركُن للأمل فقط.
ختامًا، المشهد العام في الدولة يستوجب التفكير بالاستجابة عند الحكومات والنخب لتحديات الواقع الراهن المتغير بشكل هائل، وضرورة اعادة تقييم حركتنا مع الاقليم والبدائل المستقبلية لتحالفاتنا السياسية، ويجب العودة للمجتمع بشكل افضل في الأداء من قبل القادة في المؤسسات.
الدستور