الدكتور باسم الكسواني يكتب عن "ظاهرة الاستنقاب" ..
18-12-2010 06:35 PM
هناك ظواهر كثيرة في مجتمعنا تحتاج إلى دراسة وتحليل موضوعي وعلمي منها ظاهرة الاستيزار وظاهرة الاستشياخ وظاهرة الاستنقاب . فظاهرة الاستيزار هي ظاهرة أردنية متميزة لدرجة أن شعبنا دون استثناء أصبح مرشحاً للوزارة فكل أردني بلغ الخامسة والعشرون من عمره يحلم ويعمل كي يصبح وزيراً فلم يعد هناك معايير للتوزير وهناك ظاهرة أردنية وهي الاستشياخ أي كل واحد يريد أن يكون شيخاً رغم أن الشيخة ليس لقباً يطلق على هذا أو ذاك بل نمظ حياة وايثار وموروث تاريخي وحضاري يستحق التقدير ولكن هذه الظاهرة جعلت الأمر ممجوجاً واليوم نتحدث عن ظاهرة جديدة في النقابات اسمها الاستنقاب أي البحث عن الوصول إلى منصب النقيب .
يمثل مركز النقيب ثقلاً حقيقياً وعنواناً لمهنة اضافة لذلك يصبح النقيب خبيراً ويستشار في معظم القضايا التي تهم مهنته ونقابته ويشارك في صناعة القرار وحسب قوة شخصيته وقدرته على فرض منطقه وفي نفس الوقت فان منصب النقيب أصبح طريقاً مهماً وباباً واسعاُ للوصول إلى منصب وزير بما يمثله من وجاهة في هذا الزمن الرديء.
لقد كان النقباء سابقاً كباراً وقادة قبل أن يصلوا إلى كرسي النقيب وكانوا يضعوا على هذا الموقع لمساتهم وقوتهم واراداتهم المستندة لتاريخهم ونضالهم وحب الجماهير لهم ولكن اليوم أصبح النقباء يأتون بمعادلات أخرى وأمراض المجتمع جزءً من هذه المعادلات ، لقد كان النقباء حتى عهد ليس ببعيد ويتذكره كل نقابي مطلع، كاونوا أصحاب مشروع نهضوي وكانوا للجميع لم يكن النقيب يقول أنه أبيض أو أخضر بل كان لونه هو لون مهنته ووطنه لا يتقلب ولا يتبدل ولكن نقباء اليوم الا من رحم ربي فقدوا البريق وأصبح بعضهم يقاد بالريموت كونترول من خارج مجلس نقابته وأصبحت أجندته هي الواجبة التطبيق وليس مصالح منتسبي نقابته . لا أريد أن أقسو على النقباء فهناك منهم من يستحق الشكر والتقدير ولا أريد ذكر الأسماء حتى لا أدخل في متاهة المعارك الجانبية ، والفقراء إلى الله عز وجل ليس في واردهم الدخول في معارك داحس والضراء.
لا أدري لماذا وجدت نفسي اليوم ملزماً أكثر من أي وقت مضى أن أطرح ضرورة وجود قائمة نقابية موحدة عنوانها الكفاءة والخبرة والشباب، يذوب فيها الأشخاص لصالح المؤسسة.
وأتمنى على كل القوى النقابية الفاعلة أن تعمل بجد واخلاص لايجاد قائمة نقابية تنهي هذا الشرخ العامودي في النقابة وتنهي الفرقة والتشرذم ولمصلحة الجسم الطبي كله، انا مع العمل الوطني وانا مشارك فيه بكل نشاط وجدية وبصدر رحب وحب لهذا العمل ولكن مللنا الألوان والأطياف والصراعات ومللنا الحرتقات النقابية البائسة من أي طرف كان ونريد مجلساً قوياً قادراً على مواجهة تحديات المهنة ، نريد نقيباً لا يستطيع الوزير اي وزير أن يقول له لقد أتيت بك إلى موقع النقيب ، نريد نقيباً يشارك الوزير صناعة القرار وإن لزم الأمر فمصلحة الطبيب والمواطن فوق كل المصالح ، نريد نقيبا يقول نعم بقوة عند الضرورة وبمنطق الرجال ويقول لا بنفس المنطق والقوة عندما تكون الـ (لا) هي الجواب السليم نريد نقيباً لا يقول لوني أمرني ، نريد نقيباً يقول أنا فوق الألوان والأطياف .
لا نريد نقيباً همه الوصول إلى الوزارة ثم انتهى الأمر أي لا نرغب أن تكون النقابة مطية لهذا أو ذاك . نريد نقيباً ومجلساً همهم همنا وهمهم مهنتنا ومواطننا، نريد نقيباً يحب فلسطين والمقاومة في فلسطين يحب العراق والمقاومة في العراق يحب لبنان ووجه لبنان العربي المشرق وليس لبنان الانعزالي . نريد نقيباً لديه ثوابت لا يحيد عنها ويقاتل من أجلها.
أتمنى أن توافق كل القوى النقابية الفاعلة على عقد لقاء موسع للتشاور والحوار الحقيقي ودون كمائن أو مكائد.
أشعر ومن كل قلبي بالمحبة الخالصة لكل طبيب ولكل نقابي همه العمل والاخلاص فيه ، أرغب أن نصل إلى حالة يكون فيها النقيب قدوة كما كان الكبار .
لا أريد أن أطيل ولكني أقول في الختام تعالوا نجلس بمحبة واخوة وزمالة لنصنع غداً مشرقاً بدلاً من الصراع . أشعر بالراحة فليس لي والحمد لله أعداء ولا أحمل ضغينة على احد وأتمنى أن يكون اللقاء قريباً وقبل فوات الأوان فالنقابة تستحق ان نعمل من اجلها والعمل يتسع للجميع .
والله من وراء القصد