حكم الطمأنينة في الصلاة عند المذاهب الأربعة
27-05-2023 10:57 AM
عمون - حكم الطمأنينة في الصلاة يختلف بين المذاهب الأربعة في بعض النقاط. يقول الحنابلة والمالكية والشافعية أن الطمأنينة هي فرض من فروض الصلاة، بمعنى أنها أمر ملزم على المصلي. أما الحنفية فيرون أن الطمأنينة واجبة في كل ركن يقوم به المصلي بمفرده، ويعبرون عن ذلك بتعديل الأركان، ويرون أن الواجب في الرفع من الركوع هو الحد الذي يحقق معنى الرفع، وأي زيادة عن ذلك حتى يستوي قائمًا فهي سنة حسب الرأي المشهور. وفيما يتعلق بالرفع من السجود، يرون أنه يكون بحيث يكون أقرب إلى القعود، وهو فرض، وأي زيادة عن ذلك حتى يستوي جالسًا فهي سنة حسب الرأي المشهور.
يجب أن نفرق بين مفهوم الواجب والفرض، حيث إن الواجب إذا تركه المصلي لا يبطل صلاته، ولكنه يرتكب إثمًا صغيرًا. وقد أُخبر عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال إن رجلاً دخل المسجد وصلى في حين كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المسجد، وعندما انتهى من صلاته، توجه ليسلم على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأخبره النبي بأنه لم يصل، وطلب منه أن يعيد صلاته. فصلى الرجل ثم عاد ليسلم، فأخبره النبي -صلى الله عليه وسلم- مرة أخرى بأنه لم يصل، فعندما صلى وعاد للتسليم أعاد عليه في الثالثة. فطلب الرجل من النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يعلمه.
فأجاب النبي -صلى الله عليه وسلم- قائلاً: "إذا قمت إلى الصلاة، فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة، فكبر واقرأ بما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعًا، ثم ارفع رأسك حتى تعتدل قائمًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم ارفع حتى تستوي وتطمئن جالسًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم ارفع حتى تستوي قائمًا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها". وقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- الرجل بإعادة الصلاة، لأنها أُبطلت بسبب ترك الطمأنينة. وقد أعاد النبي -صلى الله عليه وسلم- القول ثلاث مرات ربما لكي يتذكر الرجل، أو ربما لتأكيد أهمية الأمر وترسيخه فيه، وعلمه النبي -صلى الله عليه وسلم- كيفية أداء الصلاة بالطمأنينة والاعتدال بعد الركوع، والاطمئنان بالسجود، والاطمئنان بعد السجود، وأمره أن يفعل ذلك في كل صلاته وأن يحافظ على الاعتدال وأداء الصلاة بشكل صحيح في القيام والركوع والسجود، وأن يترك التعجل في الصلاة.
باختصار، أقل مقدار الطمأنينة في الصلاة يتفاوت وفقًا للمذاهب الأربعة على النحو التالي:
الحنفية: يرى بعض العلماء أن حديث المتعلم لصلاته قد لم يصل إلى أبي حنيفة، وإلا فإن أبو حنيفة كان يطمئن في صلاته ويصلي الليل كله أو أغلبه، ويرون أن الطمأنينة في الركوع واجبة، ومن تركها بلا اعتناء فعليه سجود السهو، وقد اعتقد الحنفية أن أقل مدة للطمأنينة هي مدة تسبيحة.
المالكية: يرون أن أقل مدة للطمأنينة هي أن تستقر حركة الأعضاء لفترة قصيرة.
الشافعية: يرون أن أقل حد للطمأنينة هو أن يستقر المصلي حتى تفصل حركة النزول من الارتفاع إلى السجود.
الحنابلة: يرون أن أقل مقدار للطمأنينة هو حدوث السكون، ولو كانت المدة قصيرة.
الطمأنينة في الصلاة تعني السكون والاستقرار، وعندما يكون المصلي مطمئنًا فإنه يشعر بالاتصال الوثيق بينه وبين الله -تعالى-. وينبغي على المسلم أن يقف متأكدًا ومطمئنًا بين يدي الله -تعالى- في صلاته، وأن يقوم بالركوع والسجود بشكل جيد، وأن يعطي كل ركن من أركان الصلاة الزمن اللازم والاهتمام الكافي.