قمة عربية على ايقاع تعددية قطبية
د. حازم قشوع
15-04-2023 04:03 PM
تعيش دول المشرق العربي في حركة سياسية دؤوبة نتيجة دخول السياسية الدولية بمرحلة التعددية القطبية كما تشهد عواصم بيت القرار الخليجي تحرك سياسي غير معتاد منذ الحرب العالمية الثانية.. وهذا ما يمكن مشاهدته من واقع حركة العلاقات الخارجية التي يقام على توثيقها ومتغيرات الاهتمام الدبلوماسي التي تشهدها اروقتها..
فبينما تدخل الامارات بعمق بيت القرار الاسرائيلي لدرجة الاستثمار بالاندية الرياضية تدخل قطر في المجال الحيوي للاتراك وتعيش مرحلة داعمة للنظام السياسي هناك وكما تعيش السعودية نقطة تعادل مركزية تعتبر الاولى من نوعها مع ايران وهو ما يجعل المشهد العام يغير تقييم ميزان الحركة بالروابط السياسية بداخله ويبشر بحال احسن استثماره بروابط عمل متداخلة ذات مرجعية مركزية واحدة.
وفي حال تم تشكيل ذلك كما هو متوقع فان بيت القرار الخليجي سيكون قد شكل ثقل جيوسياسي وازن نتيجة امتلاكه ادوات نفوذ مؤثرة وهذا ما قد يؤهله لبناء علاقة ذاتية اكثر استقلالا ويجعله قادر لخروج آمن من بيت الحماية الامريكية كما يصف ذلك بعض المتابعين.
كما ان ذلك في مقام متصل سيجعله يقوم بانتاج علاقات ذات طابع استراتيجي متوازن مع الصين والاتحاد الروسي والاتحاد الاوروبي وهو ما سيخلصه من تبعات الاعباء الموضوعية الضاغطة التي تقبع على كاهله نتيجة تنامي قدرته الذاتية هذا اضافة لتقليل فاتورة الحماية وحصوله على قوة استراتيجية نوعية ستشكل اليه بالمحصلة الرادع الامن وكما انها ايضا ستجعله ينسج علاقات افضل في المسارات الاقتصادية والتنموية المستهدفة وهي الجملة السياسية التي تأتي مع تنامي مناخات التعددية القطبية.
وينظر البعض لهذه القراءة انها تشكل ارضية واعدة قد تجعل من بيت القرار الخليجي يبحث عن مخارج حقيقية تعزز من استقلاله الذاتي وتجعله يعيش حالة منطلق واعد يقوم على المعادلة الذاتية التي تقوم معادلتها على (تأصيل الحماية وايجاد العناية وتجسد الرعاية)...
وهو ما يعكف على انتاجه بيت القرار الخليجي من خلال هذا التحرك الدبلوماسي النشط الذي يقوم عليه من واقع انتاج شراكات للدفاع المشترك مع الصين وفق مضمون الحماية واستقطاب خدمات تكنولوجية من باب العناية مع كوريا بريطانيا والقيام بانشاء منظومة بنيوية استراتيجية تجسد مجال الدفاع المشترك وتستقطب التكنولوجيا الاستراتيجية مع الاتحاد الروسي والاتحاد الاوروبي وذلك تحقيق نموذج للرعاية وهي العناوين التي قد تجعل من الخليج العربي قادر للاستدارة وتغيير بوصلة الاتجاه ليكون منصب للعامل الذاتي.
وهذا ما يمكن مشاهتده بطريقة اوضح في بيت القرار السعودي الذي يقوم باعادة تقويم لنظام الضوابط والموازين وهو النظام الذي ما زال يقف على مفترق يحوي اتجاهين احداهما يقوم على التعددية القطبية التي تقوم على النظام التشاركي المشترك مع الصين وروسيا والاتحاد الاوروبي بينما يبقيها تدور بالفلك الامريكي اذا بقيت فيه ويبقيها تعمل وفق نظم تشاركية دون المشاركة وهو الاتجاه الذي لا يفي برغبات امتلاكها للقوة النووية ولن يجعلها قادرة لتحسين ظروف خطوطها الدفاعية لكنه الاتجاه الاكثر نفوذا والاكثر امانا كونه يربطها بالقوة الاستراتيجية التي تمتلك شرعية القرار الاممي.
ولعل هذه المفاضلة في بيت القرار الخليجي تأتي من واقع تقدير عميق للموقف العام وذلك بعد مآلات حرب اليمن وهي الحرب التي جعلت من مسألة الدفاع المشترك مع الولايات المتحدة محط تساؤل وامر بحاجة لمراجعة شاملة وذلك بعد اخفاف القوات الامريكية لسبب او لاخر من حماية الامن القومي السعودي ومنابع البترول فيه وهذا جعل من القيادة السعودية تبحث عن بدائل وخيارات اخرى غير التي كان عليها الامر قائم..
وهو ذات الشأن الذي قد يجعلها تقبل بالعرض الصيني الذي قدم لها بوجبة للسعودية دفاعية كاملة حيث احتوى على تقييم حماية بكلف اقل سياسيا وماليا وكذلك امتلاك منظومة تكنولوجية نووية متطورة وهو ما قد جعل من بيت السعودي يعكف لاعادة ميزان رسم نظام الضوابط والموازين وفق تقييم دقيق للمشهد العام..
وهي ارضية البحث التي جعلت من هذه المعادلة معادلة صعبة وبحاجة لحسابات سياسية معقدة كونها تقوم على الاعتماد الذاتي وتدخل في صميم معادلة الاستقلال الضمني الذي من شأنه ان يبعد دول الخليج لاول مرة في معادلة تكوين ذاتية شبيهة بحد كبير بحركة النهوض القومي التي قادتها مصر بالعهد الناصري او العراق بالعهد الصدامي لكنها مراهنة تستحق المجازفة نتيجة المتغيرات الجيواستراتيجية السائدة وتنامي مسألة الخروج من العباءة الامريكية بعد الخروج الفرنسي ودرجة التململ التي تشهدها ساحات باكستان والهند والبرازيل الامر الذى يجعل من بيت القرار الخليجي محط رهان عربي لاول مرة منذ الحرب العالمية الثانية لكن هذا الرهان حتى يحقق امانيه ويعظم من سبل نحاجه دخول دول ذات ثقل سياسي وازن بالمحافل الدولية وحواضن عميقة والتى تشكل عناوينها الاردن ومصر من اجل تشكيل مظلة المشرق العربي بعناوين واسعة مؤثرة..
لكن هذه الحسابات بالرغم من وضوحها بالقياس اخذت ما تكون اقل تأثيرا بميزان التاثير بعد الاتصالات التى اجرتها القيادة السعودية مع القيادة الامريكية والتي تم التأكيد بموجبها ان القيادة السعودية لم تخرج عن السياق المحدد لها عالميا كما ذهب بعض المتابعين بالتحليل والاستنتاج ولم تذهب السياسة السعودية بعيدا عن مركزها الذى كانت عليه فى محورها متذ نشاتها لكنها كانت تعمل ضمن احداثيه عمل موضوعه جاءت منسجمه نصا ومضمونا مع السياق العالمي المتصل الذى كان قد قضي بانهاء حرب اليمن وتامين بوابه البحر الاحمر عبر مضيق باب المندب ..
وهو الاستخلاص الذى تبين من نتائج الحديث الهام الذى دار بين ولى العهد السعودى محمد بن سلمان ومستشار الامن القومى جيك سوليفان والذى بين هذه الارضيه واطر دوافعها واعتبر سياقها ناتج عن طبيعة انهاء حرب اليمن حيث تم التوافق على تحديد دائره واحدة للاتصال السعودى الامريكي تربطه بشكل مباشر مع مجلس الامن القومى الامريكي.
على ان يقوم هذا الجسر الرابط هذا بمتابعه كل الملفات التى من شانها انهاء حرب اليمن وكذلك التفاهمات الصبنيه السعوديه و الاخرى المرتبطه ببناء قوام افضل لفضاءات علاقات طبيعيه ايرانيه سعوديه وحتى تلك الاخرى المتعلق منها بالابعاد الافتصاديه وظروفها تكوينها على ان ياتى ذلك كله من خلال ضابط الايصال (تيم ليندركنك ) والذى بدوره سيقوم بدور المستشار الشريك فى تعظيم جسر التشارك الامني بين البلدين حيث يعتبر تيم ليندر كنك السياسي / الامنى وهو المسؤول بشكل مباشر من قبل مجلس الامن القومي الامريكي عن ملف الخليج العربي /الفارسي
وهو المجلس الذى يراسه رئيس الدوله الامريكية بشكل مباشر ويقوم على تنفيذ سياساته الاذرع التنفيذيه المشتركه ايا ما كان لون الادارة الامريكية فى البيت الابيض وهذا ما يكشف عن عمق العلاقات الاستراتيجيه السعوديه الامريكيه وان كانت قنواتها اخذت قنوات امنيه بالمفهوم الضمنى وهذا ما سيرتب على جسر التواصل المشكل مزيد من المسؤوليات والاعباء ..
كما ان هذا الرابط سيجعلها تدخل بشكل متصل بجوهر القضيه الفلسطينيه كما سيجعلها تعيد ترتيب العلاقه العربيه السوريه وايجاد استخلاصات اخرى تجاه القضايا الامنيه بالخليج العربي
كما فى البحر الاحمر وهذا ما يمكن مشاهده من لقاءات جده التى كانت قد استقبلت الرئيس المصرى ومن بعد ذلك وزير الخارجيه السورى وكما تقوم ببحث عوده سوريا للحاضنه العربيه وينتظر بشكل متصل بملف القضيه الفلسطينيه من خلال استقبال الرئيس الفلسطيني محمود عباس وهو ما يعنى بالمحصله ان الملف السورى سيكون على طاوله البحث كما ان الملف الفلسطيني
بات على بات على سلم الاولوية وهو ما يضع الجميع تحت
ترتيبات متوافق عليها مع مجلس الامن القومي الامريكي بطريقه مباشرة ..
وهو ما يجعل القمه العربيه القادمة التى تنعقد فى بحر الشهر القادم تنعقد بظرف مفردات سياسيه ثقيله فى ميزان التقدير وقد تحمل فى طياته مبادرة اخرى شبيه بالمبادرة العربيه للسلام لكن بمضمون سياسي مختلف بالعنوان كما بالمضمون وذلك نتيجه مناخات التعدديه القطبيه السائدة واامعطيات الجديده التى
يفرضها ميزان الاحداث.
..وهى المحصله التى طالما دعى اليها الاردن لاهمية تكوينها فى تحقيق نصره لصالح الامه وقضيتها المركزيه عندما بين اهمية بناء قوة استراتيجيه عربيه رابعه تقوم بعودة الكل العربي للحاضنه العربية لما لذلك من اهمية فى حفظ ميزان التوازن فى المنطقه وهذا ما يتطلب الاستجابه للمبادره الاردنيه من اجل عودة سوريا ودعم المبادره الاردنيه فى تحقيق نصره لصالح القضيه الفلسطينيه وتجسيد الوصايه الهاشميه على المقدسات المقدسيه بما بحفظ مستقرات المنطقه ويرسخ حالة السلم الاقليمي لمجتمعاتها ...
فهل تلتقط الفمه العربيه القادمه الرؤيه الاردنيه ومبادراتها التى تسهم بتحقيق رافعه عربيه وتقوم الامة العربيه بنبذ الخلافات الهامشيه والتسامي عن تباين وجهات النظر من اجل تشكيل قوة عربيه جيوسياسيه فاعله بما يمكنها من تحقيق درجة التوازن المطلوبه فى المنطقة ..
هذا ما نامله ما ننشده من اجل عوده الامه لبريق مكانتها بالاستفاده من درجة المتغير السائدة بيان درجة التمايز المطلوبه فى ميزان الاحداث لانصاف قضاياها وهو السؤال الذى سيبقى بجعبة القمه العربيه القادمه التى تستضيفها السعودية فى الشهر القادم ؟.