بمناسبة العيد الوطني لدولة قطر .. السماء تتغير كل يوم فوق قطر ..
موسى الصبيحي
17-12-2010 03:58 PM
أطلقت قطر قبل نحو ثلاث سنوات مركز الدوحة لحرية الإعلام، في إطار شراكة وتعاون بين دولة قطر ومنظمة "مراسلون بلا حدود" وقد أسّست هذه الشراكة كما يقول روبرت مينارد الأمين العام لـ (مراسلون بلا حدود) للقاء فريد وتاريخي في اتجاه دعم حرية الكلمة ونشر ثقافة الحرية في المنطقة والعالم، مؤكداً بأن قطر ضمنت خصوصية الانطلاق وضمان حرية مطلقة لا مقيدة لعمل المركز وفي الدفاع عن أهدافه.. وقد ترجم انطلاق المركز إيمان دولة قطر بأهمية حرية الصحافة، وبدور الإعلام الحرّ في نشر الحقيقة والدفاع عن الحقوق الإنسانية، ليس على المستوى المحلي فقط وإنما على المستوى الإقليمي، حيث ينتظر أن يكون المركز مكملاً وداعماً لعمل منظمة مراسلون بلا حدود، فالمنظمة تتابع وتعمل لحرية الصحفيين وأوضاعهم بينما سيقوم المركز باقتراح الحلول واستقبال المضطهدين وتعميق الوعي بحرية الصحافة والإعلام على مستوى الأفراد والحكومات..
وبمناسبة الحديث عن حرية التعبير والإعلام في قطر، فقد حدّثني صديق ومثقف قطري ناشط في ثقافياً وسياسياً بأنه قدّم ذات مرة مداخلة جريئة ضمن إحدى فعاليات مؤتمر "فوربس" انعقد في الدوحة، بحضور أمير البلاد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وأنه تطرق في مداخلته إلى عدد من السلبيات في المجتمع القطري بأسلوب نقدي لاذع.. وأن أحداً بعد ذلك لم يسائله عما قال في حضرة الأمير ..!!
وقد ذكّرتني هذه الحادثة، بما كنت قلته العام قبل الفائت لذات الصديق ذات جلسة من جلسات الصالون الثقافي الذي ينظمه المجلس الوطني للثقافة، وكان موضوع الجلسة عن حرية الصحافة، فبعد أن قدّم مداخلة جريئة أيضاً، حينها عقبت على ما قاله بأن الناس هنا في قطر يتمتعون بمساحة وافرة من حرية التعبير، ولولا ذاك – ووجهت كلامي للصديق- لما كنتَ (بفتح التاء) بيننا اليوم حراً طليقاً على إثر ما قلتَه في جلسة سابقة وربما كنت في مكان آخر لا قدّر الله.. !!!
أكاد أجزم بأن حرية التعبير في قطر مصونة إلى حدّ كبير، فالناس يقولون في المجالس ما يشاءون دون حدود أو قيود، حتى أضحت العديد من هذه المجالس عبارة عن برلمانات وطنية محلية تتناول الشؤون العامة بقدر عالِ من الصراحة والحرية والحصانة، وناهيك عما تغص به الدولة من ندوات ومؤتمرات وفعاليات ثقافية وسياسية واقتصادية محلية وإقليمية ودولية، فإن وسائل الإعلام هي الأخرى تتمتع بمساحة وافرة من الحرية المسؤولة، وهنا تقع المسؤولية على الإعلاميين أنفسهم، وعلى القائمين على وسائط الإعلام بشكل خاص، والحق يقال أننا بتنا نصادف بين فينة وأخرى مقالات يقدّم كاتبوها – وهم كتّاب قطريون- آراءهم بمنتهى الصراحة والشجاعة والوضوح، وقد قلت لأحد الأصدقاء يوماً أن بعض هذه المقالات لو قُدّر لها أن ترى النور في دولة ما فتئت تتشدق بالحرية والديمقراطية صباح مساء كما نشاهد في بعض دولنا العربية، لما رأى كاتبها النور بعد ذلك، أو على أقل تقدير لكان صدر بحقه حكم قطعي بحرمانه من الكتابة لا في الصحف اليومية المطبوعة فحسب ولكن حتى فيما تبقى من صحف الحائط..!!
في قطر، الدنيا كل يوم تتغير.. فقد فعلت "السدرة" فعل السحر فيها، والسدرة هي شعار مؤسسة قطر للثقافة والعلوم والتربية وخدمة المجتمع، التي أصبحت واحة للعلم والثقافة والفكر وموئلاً للعلماء والطلبة والباحثين في كافة الميادين.
عندما كنت مقيماً في قطر بين عامي 2004 و 2008 عايشت مشروعاً نهضوياً قطرياً بكل أبعاده وجوانبه، ولم أكن أشعر على المستوى الشخصي إلاّ بزهو وحرية وراحة نفسية في التعبير عن آرائي سواء من خلال مشاركتي في الندوات واللقاءات والفعاليات التي تقام على أرض الدوحة، أو من خلال ما كنت أكتبه من مقالات في الصحف القطرية المحلية.. إضافة إلى إعجابي الشديد بتوجه الدولة التدريجي للنظام الديمقراطي والمشاركة السياسية، الذي أعده توجّهاً حكيماً صائباً سيؤتي ثماراً يانعة بإذن الله بعد أن يتم بناء كتلة تاريخية حقيقية من أجل الديمقراطية تواكب نهضة قطر الحديثة وترسم معالم جميلة لدولة تؤمن بالعمل الجاد والتفاني والإخلاص وصدق الانتماء ونشر الخير والكلمة الطيبة، والرأي الحر البنّاء..
عندما تُذكر قطر في العالم، سيُقال لك مباشرة "الجزيرة" كونها أصبحت عنوان قطر الإعلامي، لكن في المستقبل القريب سيُقال "الجزيرة" و "مركز الدوحة لحرية الإعلام" هكذا عبّر أمين عام "مراسلون بلا حدود" عن ثقته بما سيحققه المركز من نجاحات في المستقبل تمكنه من تحقيق أهدافه الإنسانية النبيلة.. خاصة وأن المركز سيكون عالمياً، والأول من نوعه أهدافاً وحرية من أجل أن يكون مكاناً للحوار وتأسيس ثقافة المشاركة المجتمعية وصيانة حرية التعبير والإعلام ومدّ جسور التعاون مع الشعوب والحكومات والحضارات المختلفة منطلقاً من قطر..
Subaihi_99@yahoo.com