ما حصل من تسريبات في الولايات المتحدة لوثائق إستخبارية يحمل بعضها صفة السري للغاية هو إختراق خطير للأمن القومي الأمريكي ومخاطر قد تترتب عن ذلك حسب تصريحات وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون , وخاصة إذا كانت مُعدة بصيغة إحاطات لكبار القادة من صانعي القرار المدنيين والعسكريين.
تلك الوثائق التي قدرت ب100وثيقة قد تحتوي على خطط وإستراتيجيات للحرب الروسية - الأوكرانية ودراسة شاملة عن القدرة العسكرية الأوكرانية ونقاط القوة وكيفية تعظيمها ونقاط الضعف وكيفية تفاديها إضافة إلى توقيتات هذه الخطط, وكذلك معلومات شاملة ودقيقة عن الحلفاء وكيفية الإستفادة من شراكاتهم بالشكل الصحيح, ومكامن الضعف لديهم ليتم إستغلالها, ووجهة نظر الحلفاء والأعداء التحليلية في قضايا عديدة بدءاً من الحرب الروسية-
الأوكرانية والأزمة التايوانية, وإمتلاك دول للأسلحة النووية مثل إيران ,والتجسس أيضاً على الأوروبيين والكوريتين ومصر وكندا وإسرائيل ودول خليجية, وقد تحتوي هذه الوثائق على ساعة الصفر لبدء هجوم أوكراني أو أي هجوم آخر في أي بقعة على وجه الأرض, وخطط لإجراءات مضادة في حالة نشوب أي حرب مع الدول العظمى وإستخدام للأسلحة النووية.
معلومات هذه الوثائق تم جمعها بطريقة معقدة من جهد ووقت وتكلفة مالية طائلة وإحترافية وتحليلات دقيقة من قبل إختصاصيين عسكريين ومدنيين ,ومن توظيف لعملاء للتجسس على الدول الحليفة والعدوة على حد سواء.
إن نشر هذه الوثائق في هذا الوقت له مدلولات عديدة , حيث أن الإدارة الأمريكية كانت على إطلاع مُسبق عن نشرها,هل هو نابع عن إجراء الدولة الأمريكية العميقة لإنهاء إرتباطها بالحرب الأوكرانية التي إستنزفت الموازنة وأرهقت الإقتصاد الأمريكي من تكاليف باهضة ومن ضغط الأوروبيين على الولايات المتحدة ؟, أم هي إستشراف لعدم قدرة الأوكرانيين على متابعة الحرب ضد روسيا , لتكون في كلتا الحالتين سبباً لتبرير إنسحاب الولايات المتحدة من الحرب وإجبار الأوكرانيين على الجلوس على طاولة المفاوضات بشروط روسية؟
على الجانب الآخر ,هل قامت روسيا أو الصين بهذا النشر والتوقع لما جاء فيها أو حصلت عليها من عملاء لها لضرب الولايات المتحدة مع حلفائها وشركائها لخلق عدم ثقة بينهم؟
والإحتمال الأخير , أن تكون هذه الوثائق قد وقعت بأيدي الروس أو الصينيين قبل تسريبها بزمن نتيجة الإختراقات الأمنية من حرب سيبيرانية والعملاء المحصنيين الذين إستغلوا الخلافات بين الحزبيين الجمهوري والديمقراطي , وأن نتيجة التسريب أفشلت في السابق خططاً كثيرة للأوكرانيين منذ آخر إنسحاب روسي من خيرسون قبل 5 شهور, وإجراءات الصين في التعامل بنجاح مع الأزمة التايوانية لغاية الآن بعدم إقدامها على ضم تايوان, كل ذلك لما تحتويه هذه الوثائق من خطط الولايات المتحدة بهذا الخصوص.
على كل الأحوال فإن هذه التسريبات ستخدم روسيا في حربها ضد أوكرانيا لمعرفة النوايا الحقيقية والخطط العسكرية على الأرض ومخزونات الأسلحة والأدوار المختلفة للولايات المتحدة وأوروبا , والتوقيتات لأي إجراء من هجوم مضاد, إضافة لمعرفة المعلومات التي جمعها الغرب عن روسيا وخاصة العسكرية, بينما ستُكلف الولايات المتحدة الكثير من الجهد والمال وتأخير الخطط والضربات الإستباقية , وأهم شيء ستُضعضع ثقة الحلفاء الأوروبيين والآسيويين, حيث أن مواقفهم المستقبلية قد تؤثر على المصالح الأمريكية وأهدافها ضد اي إجراء عسكري أو سياسي.
هذه ليست المرة الأولى التي يحصل فيها مثل هذه الإختراقات الأمريكية فقد تعرضت مطارات أمريكية من فترة قصيرة لشلل كامل وكذلك توقف محطات كهرباء عن العمل في ولايات أمريكية, على الجانب الآخر هناك شواهد عديدة على تجسس الولايات المتحدة على دول الحلفاء وأبرز ذلك التنصت على قادة الحلفاء وأهمها كان التنصت على هاتف المستشارة الألمانية السابقة ميركل حسب وثائق المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي الأمريكي إدوارد سنودن.
في الخاتمة إن أسباب هذه التسريبات ستصرح بها وزارة العدل الأمريكية بعد الوصول إلى الحقيقة أو ترتيب ما حصل بقالب ليخدم المصالح الأمريكية.