هناك مفردات تركب على المعنى بقصد المغزى وهنالك جمل تفهم من الاول كما تفهم من الاخر ، وهنالك عبارات تقرأؤها
من اليمين كما تقراءها من اليسار ، لكن معناها يولد في الباطن ولا يتشكل في الظاهر ، كونها ركبت ليراد منها ما يراد ، فيرددها العامة بحكم تشكيلاها ويفهمها الخاصة بحكم مرماها ، وتكون واضحة كالجملة التي ننشدها لصاحب المقام عندما نقول (دام علا العماد ) فيتم سماع (سر فلا كبت بك الفرس) وهي عبارات ذات مفهوم واحد وتقرأ باتجاهين كما تحمل مدلولا يفهمه الخاصة بينما تقرأؤه كل العامة .
وهذا ما يمكن اسقاطه ايضا على الافعال، عند فعل يراد به غير ما تم فعله، او تصميم سياسية لا يفهم معناها الا عند استنباط بحور وقعها ودوافع اتخاذها، او سرد رواية شيقة تروى للاطفال بينما يقصد بها بيت القرار، وهذا ما يمكن قراءته في شعر احمد شوقي في الديك، عندما قال مخطىء من ظن يوما ان للثعلب دينا، فإن العلاقة هنا تبدو واضحة بين سورة المعنى وصورة المقصد .
وهذا ما يمكن مشاهدته ايضا في عناوين المشهد السياسي في المنطقة، فهناك جملا سياسية تركب لا تحمل مضمون ما يرى , وهنالك تقاطعات عامة بدأت ترسم لكن ضميرها ما زال مستتر ، كما ان هنالك تصريحات تطلق وربما اتفاقات قد تبرم لكن مآربها تختلف عن مقاصدها ، وهذا ما يجعل المتابعين للشأن السياسي حائرون في الاستنتاج بين ما يراد وبين ما يتم يغعله، وهو ما يعزيه البعض لسرعة الاصطفافات المتباينة في المشهد العام .
والتي قد تكون مندفعة من دافع جمل اسمية وليست خبرية لذا كان خير ما يفعل في داخل المشهد العام هو الوقوف بصمت وفق سياسة الاختزال التقديري وعدم تحديد بوصلة الاتجاه، هذا لان خارطة التشكيل قد تكون زائفة وليس حقيقية بالمفهوم الضمني لصياغة او صيانة الاحداث، فان بوصلة التشكيلات مازالت في مجملها تحمل مغزى واقع ولا تستند لذات الدافع الذي يجعل منها حقيقة وليست مسألة كامنة في البيان او في التبيان .
وفي انتظار عبارة "سر فلا كبت بك الفرس" لمعرفة بوصلة الاتجاه وعنوان التوجه ، تكون الاطراف المشاركة فة رحى الاصطفاف او تلك المتداخلة فيها تعيش حالة التوقع بالاستدلال ولا تقف عند المعلوم من احداثيات الزوايا والتي قد تكون الحادة منها افضل من المنفرجة ، لاسيما مع بدايات العهد الجديد الذي مازل مجهول المعادلة والذي ايضا مازلت هويته غير معروفة ، فكيف للذي ينبري بتقدير سياسي لمعادلة مجهولة المدخلات وغير معلومة التوجهات ولا يتوقع محصلة فقط بل يذهب باتجاه فعل، لذا ما يسعنا الا ان نقول (دام علا العماد) فلربما يأتي الرسن هذه المرة.
د.حازم قشوع
كتابي / جملة في رواية