عمون - الصلاة تحتل مكانة هامة في الإسلام؛ إذ تعتبر الأساس الذي يُبنى عليه جميع العبادات. لهذا السبب، أولى الإسلام اهتمامًا كبيرًا بالصلاة ورفع شأنها ومكانتها. فهي أحد أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، وتُعتبر أول ما يُسأل عنه العبد يوم القيامة. بالإضافة إلى ذلك، تعد الصلاة الفارق بين المسلم والكافر، حيث لا يوجد عبادة أوصى بها الشارع بتركها الكفر سوى الصلاة. تعمل الصلاة كحاجز بين العبد والمعاصي، وتزيد من تقوية وركنيتها في الإسلام أنها كانت من آخر وصايا النبي صلى الله عليه وسلم قبل وفاته. وهناك أدلة أخرى تشير إلى أهمية الصلاة في الإسلام.
تدخل الصلاة في العديد من أبواب الشريعة، حيث تؤثر في ترتيب كثير من الأحكام الفقهية كالزواج والطلاق وحكم الصلاة على الميت وتغسيله وتكفينه وغيرها. النصوص الشرعية قد استفاضت في تحدثها عن أهمية الحفاظ على الصلاة وخطر تكاسل وتهاون في أدائها أو تركها بالكلية. فمن الأمور التي تؤكد أهميتها في الإسلام:
ترتيب الوعيد الشديد لمن يترك الصلاة: لا شك أن الشريعة الإسلامية لا تُرتب عقوبة مخيفة إلا على ترك شيء عظيم، ونظرًا لأهمية الصلاة، فإن الله عظم عقوبة تركها أو تأخيرها عن وقتها. قال الله تعالى في القرآن الكريم: "فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ"، والويل في هذا السياق يشير إلى العقاب الأليم في جهنم.
مجيء الأمر الرباني للمحافظة على الصلاة: الصلاة ليست مجرد أداء مرة أو مرتين، بل المحافظة على أداء الصلاة في أوقاتها وأركانها وواجباتها هو الهدف الذي أراده الله تعالى عندما أمر بإقامتها. الصلاة هي الواجب الأساسي الذي لا يمكن تحقيقه إلا من خلال المحافظة عليها. قال الله تعالى في القرآن الكريم: "حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّـهِ قَانِتِينَ". وفي الحديث النبوي الشريف: "خَمْسُ صلواتٍ كتبهُنَّ اللهُ على العبادِ... فمَن جاء بهنَّ ولم يُضَيِّعْ منهنَّ شيئًا استِخفافًا بحقِّهِنَّ؛ كان لهُ عند اللهِ عهدٌ أن يُدْخِلَه الجنَّةَ، ومن لَم يأتِ بهنَّ فلَيس لهُ عند اللهِ عهدٌ؛ إن شاءَ عذَّبَه، وإن شاء أدخلَه الجنَّة". فمن يحافظ على الصلاة، فإن له عهدًا عند الله أن يُدخله الجنة، ومن يتركها فليس له عهدٌ عند الله.
وَصيَّةُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الأخيرةُ: عندما حان وقت وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، أوصى أمته بأمور هامة تهمها في حياتها وبعد مماتها. وكانت الصلاة هي واحدة من هذه الأمور، وتأتي الوصية من رجل عظيم، فعظمت الوصية نتيجة لعظم الموصي. قال علي بن أبي طالب: "كانَ آخرُ كلامِ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ الصَّلاةَ وما ملَكَت أيمانُكُم".
الصَّلاةُ مِن شَريعةِ الأنبياءِ والمُرسَلِينَ: الصلاة ظهرت كجزء من شرع الأنبياء والمرسلين. وقد ذكر القرآن الكريم أنه تم توجيه الأنبياء بأداء الصلاة وفعل الخيرات وإيتاء الزكاة، فالصلاة والزكاة تعتبران من أعظم الخيرات. قال الله تعالى في القرآن الكريم: "وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ".
عمودُ الدِّينِ: الصلاة هي عمود الإسلام، حيث أن العمود هو الأساس الذي لا يمكن تصور الشيء بدونه. ذكر الحديث النبوي الشريف: "رأْسُ هذَا الأمرِ الإسلامُ، ومن أسلَمَ سلِمَ، وعمودُه الصَّلاةُ، وذِروةُ سنامِه الجِهادُ، لا ينالُه إلَّا أفضلُهُم".
تَنهَى عنِ الفَحشاءِ والمُنكَرِ: الصلاة تُنهي المسلم عن الفحشاء والمنكرات. فهي تعد وسيلة للحفاظ على الاستقامة وتقوية الروح والقلب. قال الله تعالى في القرآن الكريم: "إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ".
يجب على المسلم أن يدرك أن الصلاة تحتل مكانة هامة في الإسلام، وأن تركها أو التهاون بها يشكل خطرًا جديًا. لذا، يجب على المسلم أن يحافظ على أداء الصلاة بشكل صحيح وفي أوقاتها وأركانها، وأن يكون واعيًا لأهميتها في الدين والحياة.