عمون - تحتل الصلاة مكانة عظيمة في الإسلام. إنها الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين، وتعتبر عماد الدين. وهي أيضًا أول ما يُحاسب عليه الإنسان يوم القيامة، وآخر ما وصى به النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-. تتألف الصلاة من خمس صلوات في اليوم والليلة، ولكنها تعتبر خمسين صلاة في الميزان، وذلك بفضل الله -تعالى-.
تميزت الصلاة بعدة أمور في القرآن الكريم. فقد سُميت الصلاة بالإيمان، وذلك في قوله تعالى: "وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ" (البقرة: 143). وقد ربطها الله تعالى بالأعمال الصالحة في قوله: "وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ" (مريم: 55). كما ربط الله تعالى الصلاة بالزكاة في قوله: "وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ" (البقرة: 43).
بالإضافة إلى ذلك، فإن الله -تعالى- فرض الصلاة على عباده في جميع الأحوال، ولم يعذر المريض عن أداء الصلاة.
تُعد الصلاة من أفضل الأعمال عند الله -تعالى-. فقد ثبت عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنه سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أفضل الأعمال عند الله، فأجاب النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الصلاة على وقتها" (رواه البخاري).
أما حكم تارك الصلاة كسلاً، فقد اتفق جمهور العلماء من المذاهب الحنفية والمالكية والشافعية على أن تارك الصلاة بسبب التهاون أو الكسل لا يكفر، وإنما يعتبر فاسقًا مرتكبًا لإحدى الكبائر. واستدل العلماء على ذلك من قول الله -تعالى-: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ" (النساء: 48)، حيث يدخل تارك الصلاة بسبب التهاون ضمن مشيئة الله -تعالى- فيما يتعلق بالعقاب أو الغفران. كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ يَبْتَغِي بِذَٰلِكَ وَجْهَ اللَّهِ" (صحيح البخاري).
ويجب على تارك الصلاة بسبب التهاون أو الكسل أن يبادر إلى قضاء الصلوات المفروضة التي فاتته. ويُنصح بأن يقضي صلاة فرض بعد فرض آخر، وإن بادر بزيادة ذلك، فإنها خير له.
أما حكم تارك الصلاة جحودًا، فإن الجحود يعني الإنكار والإباء على العلم بصحة الشيء، وهو نقيض الإقرار والاعتراف. وتارك الصلاة جحودًا يمكن أن يكون في اثنتين من الحالات:
إذا كان حديث العهد بالإسلام أو نشأ بعيدًا عن المجتمع الإسلامي: في هذه الحالة، يعتبر معذورًا، ويُعلم بوجوب الصلاة ويُعرف بها، ولا يُحكم عليه بالكفر بسبب جهله.
إذا نشأ بين المسلمين وعلم بوجوب الصلاة وشاهد الناس يصلون ورفض أداءها: في هذه الحالة، اتفق العلماء على أنه يعتبر كافرًا، ولا يُعذر بجهله.
يجب على كل مسلم أن يولي الصلاة أهمية كبيرة وأن يبذل جهوده لأداءها بانتظام وتأديتها على وقتها، حيث تعتبر من أعظم العبادات وأهم ركائز الإسلام.