الحكمة من مشروعية أعياد المسلمين
29-05-2023 01:47 PM
عمون - تعبّر الاحتفالات الدينية للمسلمين بالأعياد عن الفرح والسرور الذين يشعرون بهما نتيجة طاعتهم لله واتباعهم لشرعه. فبعد أداء العبادات العظيمة التي فرضها الله على المسلمين، مثل الصيام والقيام والصدقة وتلاوة القرآن الكريم في رمضان، يحتفل المسلمون بعيدي الفطر والأضحى. في عيد الفطر، يظهرون الفرح بعد إتمامهم الصيام والقيام وصدقاتهم وتلاوتهم للقرآن، بينما في عيد الأضحى يعبّرون عن السرور بعد أداء الصيام ووقوفهم بعرفة وأداء مناسك الحج وتقديم الأضحية. وعلى هذا النحو، يفرح المسلمون بمغفرة ذنوبهم وقبول توبتهم من قبل الله.
لإظهار الفرح في أعيادهم، شُرع للمسلمين أن يتزيّنوا ويَلْبسوا أجمل الثياب، استناداً إلى قوله تعالى في القرآن الكريم: "يا بَني آدَمَ خُذوا زينَتَكُم عِندَ كُلِّ مَسجِّدٍ وَكُلوا وَاشرَبوا وَلا تُسرِفوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُسرِفينَ" (الأعراف: 31). كما أمرهم الله بالاغتسال واستعمال الطيب والتكبير والتهليل والتوسعة على العيال، والأكل والشرب. وأيضًا حُرِّم عليهم الصيام في أيام العيد، وأمر بتناول الطعام قبل صلاة العيد، وذلك لإظهار الفرح بالطاعة لله.
وفي سياق آخر، يُظهر المسلمون شكرهم لله على النعم العظيمة التي أنعم بها عليهم، بمناسبة العيدين. يحتفلون بهذه الأعياد لشكر الله على نعمة الإسلام ونعمة البقاء حتى رمضان وإدراكه وصيامه، وشكرًا على مغفرة الذنوب وفتح أبواب الجنة بفضل توفيق الطاعة وإغلاق أبواب النار وتصفيد الشياطين وإجابة الدعاء والعتق من النار وإتمام وقوف عرفة ورمي الجمرات. يقول الله تعالى في آيات الصيام: "وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" (البقرة: 185).
شكر الله يتم بأساليب متعددة، وتبدأ بالاعتراف بفضله والحمد له والتكبير والتهليل. ثم يتضمن الشكر أيضًا الابتعاد عن معصية الله، والتفرغ لشكره في كل الأفعال والأقوال والتصرفات. وبذلك يصبح العيد كله عبادة لله، من خلال ذكره وتكبيره وإعطاء الصدقة وإقامة الصلات والتصدق.
ومن الحكم الاجتماعية للاحتفالات الدينية للمسلمين في الأعياد هو الاهتمام بالفقراء والمحتاجين والاطمئنان على أحوالهم. يتضمن ذلك بر الفقراء ومساعدتهم وتقديم العون لهم، والتواصل مع الأقارب والأرحام والجيران والأرامل والأيتام، وجلب السرور إلى قلوبهم عن طريق إطعامهم وتقديم المساعدة المالية وزيارتهم والدعاء لهم. كما يشمل ذلك المشاركة معهم في الصلوات والتكبيرات. ومن أجل تحقيق هذه الحكمة، شرع الإسلام زكاة الفطر في عيد الفطر، والأضحية في عيد الأضحى، ويتم تقديم المساعدات للفقراء وإطعام الأقارب والجيران والأصدقاء.
وصلة الأرحام هي أيضًا أحد الجوانب الاجتماعية المهمة في الأعياد الدينية. يجب زيارة الأقارب وتهنئتهم وإدخال السرور إلى قلوبهم، والاهتمام بأحوالهم. كما ينص النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- على أهمية صلة الأرحام قائلاً: "مَن سَرَّهُ أنْ يُبْسَطَ له في رِزْقِهِ أوْ يُنْسَأَ له في أثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ" (البخاري).
إن الاحتفالات الدينية في الأعياد الإسلامية تعكس التوجه الروحي والاجتماعي للمسلمين، حيث يتجلى فيها الفرح والسرور بالطاعة لله والشكر لنعمه العظيمة، وتعزز العلاقات الاجتماعية وتعمل على بناء المجتمع وتعزيز التراحم والتعاون بين أفراده.