الأردن .. بين المؤسسة العسكرية والمؤسسة الحزبية! (١)
د. ذوقان عبيدات
10-04-2023 12:43 PM
يقول الباحث رالف غولدمان في كتابه من الحرب إلى الحزب: التحول الحرج إلى السيطرة المدنية: إن المجتمعات تمر عبر تطورها في مراحل ثلاث هي؛
سيطرة المؤسسة العسكرية على قرارات المجتمع من خلال ممارسة السلاح والقوة، فكانت تحسم النزاعات من خلال الحروب والقتال وسحق الطرف الآخر. تتطور المجتمعات وترتقي إلى مؤسسة أخرى هي المؤسسة التمثيلية أو الهيئات المنتخبة من الناس، أما أداة هذه المؤسسة فكانت استخدام اللغة والألفاظ والبلاغة والخطابة. قبل هذه المرحلة كانت المؤسسة العسكرية هي التي تقود القرار، ويمتلك قادتها النفوذ في المجتمع، فلا مجال لبروز اسم إلّا إذا كان يحمل رتبة عسكرية!
أمّا المرحلة الثالثة فهي سيطرة المؤسسة الحزبية، وهي أعلى مراحل تطور المجتمعات، هذه المؤسسة لا تمتلك سلاحًا وحروبًا
كالمؤسسة العسكرية وقد لا تمتلك بلاغة كالمؤسسة التمثيلية، بل تمتلك حشدًا من الأرقام، يعطيها حق التحكم بالمؤسستين: العسكرية والتمثيلية، فهي تمتلك الأغلبية وتسعى إلى التكاثر بل يلهيها التكاثر وحشد الأعداد.
في المجتمعات البدائية والمتخلفة يكون ترتيب أهمية هذه المؤسسات كالآتي:
١-المؤسسة العسكرية.
٢-المؤسسة التمثيلية.
٣-المؤسسة الحزبية
ولكن في مرحلة التطور الحرج وتقدم المجتمعات تنقلب الأمور ويكون الترتيب ممن حيث الأهمية:
١- المؤسسة الحزبية.
٢-المؤسسة التمثيلية.
٣-المؤسسة العسكرية.
تكون المؤسسة الحزبية هي القائدة، وتخضع لها المؤسستان: التمثيلية والعسكرية.
فما أسلحة كل مؤسسة أو ما عُمْلتها وما فواعلها وتكتيكاتها؟
هناك ثلاثة تكتيكات مستخدمة: القوة والكلمة والرقم.
تستخدم المؤسسة العسكرية تكتيكات السلاح والقوة والقهر، ولذلك قد تنفق كل وقتها في الحروب أو استعدادًا للحروب وتحسّبًا لحوادث تهديد أمنية.
وتستخدم القوة التمثيلية تكتيكات الكلمات والألفاظ والمصطلحات والنقاشات وسنّ القوانين، ولذلك قد تستهلك أيامًا وشهورًا للاتفاق على تفسير قانون أو تحديد مصطلح.
أمّا المؤسسة الحزبية فتكتيكاتها هي: الأرقام والأعداد والأكثرية والأقلية!
فالعسكر يستخدمون المدفع في اتخاذ القرار، والتمثيليون يستخدمون البلاغة اللفظية في الإقناع، والحزبيون يشهرون الرقم في وجه خصومهم.
لكل مؤسسة مصادر قوتها ودورها، وفي المقالات التالية سأتحدث عن تفاصيل نشأة هذه المؤسسات وأدوارها ومعايير سطوتها وتطبيق ذلك على الأردن.