facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الصندوق الأسود 6 .. الحكومات المبتكرة


د. كفاية عبدالله
09-04-2023 09:54 PM

يعد الابتكار (Innovation) أمر أساسي وحيوي لتحقيق طموحات الدول وأهداف الإدارات العامة، إذ يقع على عاتق الحكومة المسؤولية المباشرة رعاية ودعم البحث والتطوير وتوفير الضمانات الكافية لإيجاد بيئات تنظيمية تدعم الابتكار ليتمكن القطاع الخاص من أداء أعماله في ظل بيئة استثمارية جذابة وضمان حقوق المبتكرين وتسجيل براءات الاختراع وحماية الملكية الفكرية.

فليس ترف مطالبة الحكومات كي تصبح مبتكرة ؛ أنها ضرورة أساسية لتحسين الخدمات العامة وزيادة الإنتاجية لدى الموظف العام، عند الحديث عن الابتكار الحكومي فإننا نتجاوز المفهوم الضيق والخاطئ لمعنى الابتكار ، فالإدارات العامة ليس معنية في اختراع الآلات الجديدة واستخدام الروبوتات لتنفيذ المهام ، ولا تعلق آمال الابتكار بتوفير الميزانيات الضخمة الإنفاق الهائل والبنية التحتية التقنية واستخدامات التكنولوجيا الذكية، الابتكار ليس طيشا ولا هرولة نحو كل جديد لمجرد ركوب موجة كل جديد لإثبات مزاعم زائفة أننا نسير قدما نحو التقدم والتحسين .

الابتكار الحقيقي والمطلوب يستدعي جلب التفكير الجديد لحل المشكلات القديمة، إطلاق تحسينات جذرية في الانتاجية والكفاءة وترشيد فاتورة الإنفاق الحكومي، وتقديم مزيد من القيم العامة للجمهور ، وإيجاد أفضل الأساليب لمواجهة التحديات المجتمعية وتوليد أفكار جديدة لخلق قيمة حقيقية ومستدامة للمجتمع.

قد يأخذ الابتكار الحكومي أشكالاً متعددة ومتنوعة ، منها على سبيل المثال: الشراء الأكثر ذكاء أو إنشاء منصات رقمية لتقديم خدمات أفضل للمواطنين ، فضلا عن دفع نحو ترسيخ ثقافة ريادة الأعمال الحكومية في العقلية الذهنية لدى كبار المسؤولين ، ودع عنك نمط الإدارة القائم إن :"وجدنا آباءنا كذلك يفعلون".

وليس بدع القول إن تطوير منتجات جديدة أو محسنة يعد ابتكاراً أو تطوير أنظمة العمل وتحسينها هو أيضاً ابتكار، أو إعادة تصميم العمليات التنظيمية الداخلية لتحسين الأداء هو أيضا ابتكار، واكتشاف طرق جديدة لتقديم الخدمات مثل استخدام الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي يصنف أنه ابتكار، وايجاد أشكال جديدة لمشاركة المواطنين (الاستشارة الإلكترونية) ذلك الابتكار لسماع صوت المواطنين ، بل إن تحديد أهداف استراتيجية جديدة للإدارات العامة يعد ابتكاراً، حتى أن إدخال لغة وقيم ومفاهيم جديدة في الإدارة العامة لتحسين أداء الموظفين وتحسين الخدمات يعد ابتكار.

والمعول عليه لتحفيز الابتكار هو وجود ثقافة مؤسسية ترسخ الابتكار في القيم التنظيمية والممارسات اليومية بحيث تشجيع العمل المبتكر وقبول المخاطرة وتبادل الأفكار وتشجيع وتوسيع قاعدة المشاركة في صنع القرار، ونبذ التشبث في الهياكل التقليدية المتهالكة أو التقيد الحرفي بالتسلسل الوظيفي الهرمي والاتصالات الفوقية باتجاه واحد (كالشلال) والدعوة لإطلاق العنان وتفكير خارج الصندوق وعدم قمع الأفكار وإن بدت للوهلة الأولى أنها أفكار مجنونة لا سابق عهد لها، وحث المعنيون للتفكير الجانبي وفتح قنوات الاتصال مع جميع الأطراف للبحث عن حلول جذرية للمشكلات وعدم الوقوف عند الحلول الآنية في التعامل مع الأعراض، نبذ ثقافة الخوف وتشجيع الموظفين لطرح الأفكار دون قيد أو تضييق وحث على الإبلاغ عن الأخطاء عند ظهورها على السطح لحل المشكلة من مصدرها وعدم السماح في ترحيل الأخطاء للمراحل المتتالية، والبحث عن الحلول التحسينية القائمة على الأدلة والحقائق، وصنع السياسات المستندة على الأدلة بشكل صارم للوصول إلى موثوقية اتخاذ القرار ، من خلال تقييم قوي ودائم للخيارات ، وتشجيع الموظف لتحدي الأفكار البالية والتشكيك أحيانا بصلاحية بعض الأساليب السابقة، فما ثبت صحته سابقا لا يعني بالضرورة استمرار صلاحيته ما لا نهاية، وكما لرحلة الإنسان محطات ينمو وينضج ثم يمرض ويهرم وبعدها يموت ويبلى فإن للأساليب آجالاً محدودة والأدوات استخدامات معدودة ، ونماذج العمل وإن نجحت سابقا فليس مسلما أن تبقى صالحة غير قابلة للمراجعة أو التحديث بذريعة التعليمات والنصوص، فالتعليمات وجدت لتنظيم العمل وضبطه ، وهي الوسيلة وليس غاية بحد ذاتها.

ونؤكد أن الابتكار يحتاج إلى مناخ تنظيمي نظيف بعيد عن تصيد الأخطاء وثقافة اللوم ، وبيئة عادلة ومحفزة ، ولا سيما أن الموظف المظلوم لا ينتمي، والأمعاء الخاوية تصوم عن توليد الأفكار على المائدة، والعقل المسجون لا يجيد التحليق ، لا بد من تقديم الحوافز الفردية والجماعية وبرامج المكافآت لتعزيز الابتكار وتخصيص أوقات من العمل لتطوير الأفكار الجديدة وإشراك مالكي العملية لتطوير الحلول من أسفل الهرم إلى أعلاه ومن ثم بالعكس (حلقة دائرية) فالابتكار ليس حكراً على الكبار أو الأغنياء، وليس وظيفة دائمة للمستويات القيادية الرفيعة ، وإن العامل الذي يعانق الآلة -ليل نهار - هو أدرى بعلاتها وأوجاعها وهو الأولى في توصيف الداء والدواء ، نريد المؤسسات الشجاعة التي تدافع بفخر عن تبني الأفكار الخلابة والناجعة أينما وردت ، وكما قيل: الحكمة ضالة المؤمن فخذ الحكمة ولو من أهل النفاق.

د. كفاية عبدالله/ اختصاصي التطوير المؤسسي
(Kifaya2020@gmail.com)





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :