الجيش إذ يتم توظيفه سياسياً!
ماهر ابو طير
16-12-2010 02:46 AM
لم يبق شيء في حياتنا الا وتم زجه في المعارك الصغيرة والكبيرة ، وبحيث سنصحو في لحظة ما ، وقد حرقنا كل قيمة وكل مؤسسة وكل نقطة مضيئة.
الجيش العربي ، من القيم النورانية العليا ، التي لا يختلف عليها احد ، واذ يراد ان يتم الزج بالجيش في المناكفات والتوظيفات السياسية ، نضع ايدينا على قلوبنا ، لاننا نكون قد تجاوزنا كل الخطوط الحمراء ، واللعب بات متاحاً في كل ملعب للهواة والمحترفين.
للجيش العربي قيمة راقية في نفوس الناس ، تلك القيمة لم تتأسس على اذى الناس ، ولا على آلامهم ، تأسست هذه القيمة على اساس دور عظيم للجيش في الدفاع عن الاردن ، في حرب مثل الكرامة ، وفي حروب الدفاع عن فلسطين ، وشهداء الجيش في القدس.
الجيش ايضاً ، كان شريكاً مدنياً من الناس والى الناس ، وهو الذي فتح عشرات الاف البيوت ، وعلم ابناء الناس ، وعالجهم في المستشفيات العسكرية ، ومد يد العون لشعبنا بوسائل عدة.
لم يكن الجيش مؤسسة قمع شعبية ، ولا تغول على حياة الناس ، ومواردهم ، كما في دول اخرى يحرق فيها الجيش الاخضر واليابس ، ويتحول الى طبقة تتعالى على الناس ، وتتعدى على حياتهم.
قد يتم الاختلاف على كل شيء ، غير ان الجيش يبقى قيمة راقية. غيرعدوانية. شريكة. لها وجود في كل بيوت الناس. ما من بيت الا وفيه عسكري عامل او متقاعد ، او قريب او ابن عم او صديق ، عامل او متقاعد.
مع هذا الجيش كان له من اسمه نصيب ، فله ايد بيضاء على الاهل في غزة وبغداد ، وكان له شرف علاج عشرات الالاف ، وانقاذ حياتهم ، ولرجاله ايضاً وجود في دول كثيرة ، ويساهم بحفظ الامن والاستقرار ، وحماية شعوب مضطهدة وفقيرة.
العسكري الاردني الذي يضع روحه على كفه في دول العالم ، للتخفيف من الام الناس ، لا يكون شريكاً مع احتلالات ، ولا اداة بيد المحتل ، فهذا دور لا تتم قراءته بالعربية من اليسار الى اليمين.
الاحتلالات تقتل والعسكري الاردني لا يقتل ، ووجود الجيش في منطقة مثل افغانستان ليس دعماً للاحتلال الامريكي الكريه ، هو دعم لحياة الافغان وتخفيفاً عنهم ، والاردن الذي يرسل الافغان الى الديار المقدسة على حسابه ، ويعالج مرضاهم ، لا يغدر الافغان ، ولا يعمل ضدهم.
للجيش معركته الكبرى بالدفاع عن هذا البلد ، فيما تصور القدرة على تصغير الجيش وزجه في معارك سياسية صغيرة هنا ، يبدو تصوراً خطيراً ، وتوظيفاً غير مدروس ، وغير عميق في نتائجه.
التذاكي عبرالفصل غير المباشر بين الجيش وادارته العليا السياسية ، فصل يراد به دق الاسافين ، واظهار الجيش وكأنه مغلوب على امره بفعل القرار السياسي ، وان الشباب يتم زجها فيما لا تريد ، وهذا اخطر الالعاب السياسية ، التي لا بد من وقفها،،.
خطوطنا الحمراء كثيرة ، ولن نقول ان الجيش خط احمر ، اذ انه ربما فوق كل الخطوط ، ولا حق لاحد بادخاله بشكل غير مباشر في لعبة الصراعات السياسية ، وتغبير رصيده وسمعته ، وكأنه دائرة خلفية في وزارة ثانوية.
فرق كبير بين الحديث عن الجيش باحترام ، وبين الايحاء بأنه مرتزقة تجوب العالم وتقدم الخدمات ، وهي ايحاءات مهينة جداً ، تلتبس بلبوس الوطنية والدين ، لكنها في حقيقتها تحاول تكسير عظم البلد من الداخل.
لم يبق شيء الا وتم رشق وجهه بماء النار ، وقد آن الاوان ان نتوقف قليلا،،.
matir@addustour.com.jo
(الدستور)