ترمب .. ثائرٌ جائش مغلّفٌ بالضجيج ..
د. نضال القطامين
08-04-2023 01:14 PM
ليس في دستور الولايات المتحدة ما يشكل عائقا أمام اعتقال مرشح للرئاسة وكذا، فليس فيه ما يمنع المرشح الفائز من ممارسة صلاحياته من وراء القضبان، تلك غاية الديمقراطية ومنتهاها.
لم يأتِ رئيس مثير للجدل في بلاد الأمريكان مثل دونالد ترامب، لقد أوغل في الفحش السياسي، وقفز غير عابىء، على كل التقاليد البرلمانية والسياسية، صفيق في السياسة وفي الإجتماع، لكنه يمضي مغلّفا بالضجيج، نحو الترشح لرئاسة ثانية، رئاسة سيكون الإقتصاص من أعداءه فيها، بغيته الأولى.
كلما نهض من سقطة تزحلق بأخرى، واضح أن الدولة العميقة هناك لن تسمح بذاك التمادي مرة أخرى، لكنه ثائر جائش لا يكترث بأحد ولا يعبأ.
هل سينجو من أفخاخه الجديدة؟، ذاك ما سيقرره القضاة والمحلّفون، غير أنهم بدأوا بتقليم أظفاره مبكرا، حيث أمضى محاموه وقتا طويلا في مفاوضات شاقة كيلا يوضع القيد في يديه لدى امتثاله للمحكمة.
يراهن ترامب على قطاع عريض من الأمريكيين الذين انتخبوه عام 2016، لقد مر وقت طويل قبل أن يدرك الناس هناك أنهم لم يقدموا سوى مصارع خاسر، أضرم النار فيما كانوا يحسبوه خطوطا لا يمكن تجاوزها.
غير أن السؤال الهام في هذا السياق، هو تلك المسافة التي سيقترب فيها أيّ رئيس، ديمقراطي أم جمهوري، من قضيّتنا المعقدة، فلسطين، ودون شك بالطبع، فإن السياسة الأمريكية لن تتغير بتغير الرؤساء، سياسة قضية فلسطين على الأقل، لن تقامر أي إدارة قادمة بأصوات اليهود هناك، وكذا، فلن تستطيع التغيير في واقع الامر المضطرب على الأرض، بل إن إدارةٍ جمهورية سيتزعمها مثل هذا المُعارك الحسالة، لن يوقفها خجلها من الهرولة العربية نحو الكيان الغاصب، من تقديم دعم مباشر وعلني لخدمة المشروع الصهيوني في فلسطين، وستجد حكومة الإرهاب هناك، إسناداً مبينا لتنفيذ مخططاتها في التهويد والإستيطان.
نعود لتقاليد الديمقراطية التليدة هناك، ونقرأ في كتابها كيف يُساق الرؤساء للقضاء وكيف يفاوض محاموهم ألّا توضع القيود في أيديهم، ثم نقرأ كذلك كيف يمارس نقيض هذه الديمقراطية في البطش والتنكّب للقضايا العادلة، وكيف تدار الحروب بالوكالة في ميادين أوكرانيا، وبينما ذلك، فإن بعض بني يعرب لم يبارحوا اقتتالهم حول دستور دولهم، وما زال الناس هناك، يساقون نحو مآلاتهم التعيسة.