عمون - التوازن في عبادة الرسول -عليه الصلاة والسلام- كان يتجسد في حياته وعبادته من خلال تطبيق مفهوم التوازن والوسطية. كان يبتعد عن التطرف والتعقيدات المبالغ فيها. على سبيل المثال، لاحظ الرسول بعض الصحابة يحرمون على أنفسهم الأشياء الطيبة تقربًا إلى الله، فأخبرهم الرسول: "أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني". كما رأى الرسول سعد بن أبي وقاص يرغب في ترك جميع ممتلكاته، فنهاه الرسول عن ذلك وسمح له بالثلث. يظهر التوازن أيضًا في تصريحه بجواز الفطرة للمقاتل في رمضان وفي وقت الحر، وقصر الصلاة وجمعها للمسافر. كما نهى الرسول عن التطرف والمشقة، حيث قال: "وإياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين". كما منع الرسول الصحابة من إيذاء المرأة التي تابت من الزنا بالسب والشتم، فالإسلام لم يشرع التعذيب بل لطهارة النفس وتزكيتها وشكر الله وتقوية العبد لربه. يدعو الإسلام إلى التوازن والاعتدال في العبادة لتحقيق الصلة القوية بين العبد وربه وشكره. قد يعاقب الله الشاكر المؤمن لأعماله، ولكنها ليست تعذيبًا بل جزاءً عادلًا على أعماله. جاء ثلاثة أشخاص لأزواج الرسول واعتقدوا أن عبادته قليلة بالمقارنة مع عبادتهم، فأخبرهم الرسول: "أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني". هذا يوضح أنه يجب على المسلمين أن يعرفوا سنة الله وأن أي عمل يقصد به وجه الله يعتبر عبادة. يدعو الرسول الصحابة إلى الاعتدال في عبادتهم للحفاظ على الحركة والنهوض بالمجتمع وبناء الحضارة. نهى الرسول أيضًا عن إرهاق النفس بالعبادة والتقصير في حق الآخرين مثل الأبناء والزوجة والجسد. نهى عبد الله بن عمرو عن ختم القرآن في ثلاث ليالٍ للتوسط والقصد في العبادة، بعيدًا عن الإفراط والتفريط. يحث الرسول المسلمين على التوازن والقدرة على التحكم في حياتهم بين الدين والدنيا في جميع المجالات. يؤدي التوازن في العبادة إلى سلامة النفس والابتعاد عن الزيادة والنقصان والفقر والحصول على البركة والنجاة والاقتداء بالرسول وتجنب مغريات الشيطان واستمرار في عمل الصالحات والعبادات. التوازن والاعتدال في العبادة يجعل الإنسان منضبطًا في حياته ويؤدي إلى تحقيق الصلاح الشامل. الإسلام يجمع بين التوازن والخيرية ويدعو إلى التوسط ويحذر من الانحراف عنه.