لاشك أن الإرتفاع الحالي في معدلات التضخم، وفي أسعار المواد الغذائية هما التحدي الأكبر للدول.
وفي ظل استمرار توقعات تباطؤ النمو الإقتصادي تبرز عدة تساؤلات مشروعة منها: كيف للبلدان معالجة ارتفاع أسعار الفائدة ومحاربة انخفاض قيمة العملات والمحافظة على ثبات معدلات النمو؟، وما الذي يمكن أن تفعله البنوك المركزية والمؤسسات المالية لإدارة هذه الأزمات وما هي الحلول الممكنة؟.
محليا؛ فما يبعث على الطمأنينة هو أن الأردن قد حقق خلال السنوات الماضية تخفيضا في العجز المالي من نحو 4.4% في عام 2021 الى3.7% في عام 2022، ويقدر العجز المتوقع للعام الحالي بحوالي 2.9%، كما يتوقع أن يبلغ معدل التضخم 3.8%، وأنّ معدل النمو الحقيقي للعام 2023 سيكون 2.7%.
محليا كما هو عالميا؛ فإن رفع الفائدة على الودائع فيه عائد حقيقي في ظل مقارنة معدلات التضخم الحالي مع أسعار الفائدة، وأن التشدد الحاصل في السياسة النقدية خلال عمليات الرفع لسعر الفائدة للفيدرالي الأمريكي لثماني مرات متتالية كانت كفيلة في تخفيض معدل التضخم في أمريكا من 9% الى حوالي 6% والذي قد يستمر لثلاث سنوات قادمة، بالرغم من ضخ ما يقرب من 392 مليار دولار خلال أسبوعين فقط في الإقتصاد الأمريكي لحماية البنوك، أي ما يساوي 31% من مجمل الأموال التي تم ضخها لمواجهة الأزمة المالية العالمية في عام 2008، وما يعادل 31% من الأموال التي تم صخها لمواجهة جائحة كورونا.
بقى أن نقول، أنه وفي ظل التخبط الحاصل عالميا واضطراب الأسواق العالمية سواءً من ناحية الإقتصاد أو النقد المالي، تبقى البنوك المركزية أمام خيارين: أولاهما برفع الفائدة لمحاربة التضخم وللحفاظ على استقرار سعر الصرف للعملة الوطنية وللإبتعاد عن (الدولرة)، والخيار الثاني هو السحب من الإحتياطات التي تؤدي إلى تدهور العملة الوطنية، والتأثير سلبا على العمالة المحلية.
في حالتنا الأردنية؛ فإن مؤشر AA للبنوك الأردنية يظهر بأن القيم السوقية للبنوك الأردنية لم تتأثر بالأزمات المصرفية الحالية حول العالم، وعلى العكس من ذلك فقد ارتفعت هذه القيمة بنسبة وصلت إلى 23% مقارنة بالسنتين الماضيتين، كما أن أرباح البنوك الأردنية قد ارتفعت خلال العام الماضي بنسبة 38% مقارنة بأرباحها عن عام 2021، كما أن البنوك الأردنية تحتفظ بمعدل كفاية رأس المال كقيمة (مضاعفة)، لتغطية مخاطر الأصول والتي تبلغ 16.5% وهي نسبة مضاعفة عن المتطلبات الدولية لكفاية رأس المال والبالغة 8%.
والسؤال المطروح؛ مع اشتداد الأزمات الدولية فإننا دوما نبحر بإتقان، ألم يسأل سائلٌ السرّ في ذلك؟ أم أن ما تقدم هو (وليد) الصدفة؟!.