الاحزاب السياسية .. والسياسة الرشيدة
أمل محي الدين الكردي
03-04-2023 04:01 PM
يعتبر موضوع الاحزاب السياسية من موضوعات القانون الدستوري والنظم السياسية ،وقد ارتبطت بالنظام الديمقراطي وأصبحت احدى دعائمه ،ويصعب التخلي عنها في الأنظمة السياسية الحديثة .وقد أخذت الأحزاب صورها الحديثة منذ منتصف القرن التاسع عشر ،وتعددت أشكالها وانظمتها وتنوعت مهامها وادوارها المختلفة حسب الدول والمناطق .
حيث ان الاردن لم يشهد نشاطاً حزبياً قبل مجيء الاستقلاليين عام 1920م الا من خلال بعض الاشخاص الذي كان لهم علاقة بالاحزاب على سبيل المثال علي خلقي الشراري ،ومحمد المحيسن ،وكايد المفلح العبيدات .ومرت الاردن منذ البداية بأربع مراحل حزبية وكانت الاؤلى فترة التأسيس للأمارة من عام 1921م- 1946م حيث ظهرت في هذه المرحلة اربعة عشر حزب ،أما المرحلة الثانية ما بعد الاستقلال ،أما المرحلة الثالثة كانت مرحلة صدور قانون الاحزاب لعام 1992-2007م ،اما الرابعة مرحلة صدور قانون الاحزاب السياسية رقم 9 لعام 2007-2011م وبعدها تم اصدار عدة قوانين بعام 2015-واخرها عام 2022م.ويعتبر قانون الاحزاب نظرياً من أهم القوانين المنظمة للعمل السياسي في الاردن ولكن من الجانب العملي فيعتمد على مدى تفعيل نصوص القانون او وجود المعيقات للتفعيله ،وهذا ليس بالامر السهل على الاحزاب وخاصة ونحن نشعر ونلاحظ عدم ثقة المواطنين بالاحزاب.
اهتم الملك المؤسس المغفور له بإذن الله الملك عبد الله الاول بالاحزاب ،ومن خلال الوثائق المسجلة في آب عام 1945م بأن الملك المؤسس بدعوه سموه الى تناول طعام الغذاء في قصر رغدان العامر ممثلوا الاحزاب السياسية في فلسطين للاتفاق بين الاحزاب العربية وإزالة الاختلافات القائمة بفضل السياسة الرشيدة .وتفضل سموه بإلقاء كلمته السنية وبدء كلمته بالترحيب بهم فقال: لا أستطيع كتم اغتباطي وسروري بمقدمكم الكريم مسرعين إلي مقبلين علي،ليس بالسر ان انا قلت لكم بأنني اوجه لكم هذه الدعوة الا وقلبي مليء بالعقيدة الصحيحة في انكم ابناء الوطن البرره،الساعون لخيره ،الحادون لنجاته وانني فوق هذا اعتقد في كل فرد منكم جميعاً احسن النيات واكمل التضحيات ان طلب الوطن آي تضحية فعليكم الجميع مني السلام والتحية وتكرير الشكر وتابع بكلمته والتي سأذكر منها بعض العبارات فقال: عندما اقول هذا بحق عن الامة الفلسطينية المحترمة انها تريد منكم وتطلب منكم التصافي والمحبة وتوحيد الصفوف ووحدة العمل والنظر الى البعض بعين الاجلال والكرامة .وتابع المغفور له النصح والارشاد في رسالته بشأن القضية والحرب التي آثرت على المنطقة وكان الهدف من رسالته تجميع القوى السياسية ليخرجوا بلجنة متحدة لتنظيم الاعمال الوطنية ولم ينسى المغفور له جلالته في رسالته السنية عن الغائبين عن اوطانهم وذكر بمشاعر رقيقة اغتراب والده المغفور له المنقذ الاعظم الحسين بن علي رحمه الله حيث قال :حيث قد جربت ذلك بنفسي في اغتراب والدي شهيد فلسطين ودفين المسجد الاقصى وطلب منهم ان يبقى كل حزب على ما هو عليه من منهاج فيما ينوب اموركم الداخلية ولتوحد جبهتكم واضاف بعبارة اخرى وليكن للاحزاب المحترمة كلها هيئة مختارة للتذاكر فيما ينوب البلاد في السياسة القومية تتناوب الرئاسة بالاحزاب لمدة معينة حسب الحروف الهجائية وما شرق الاردن وفلسطين نجاتها بنجاتكم وعطبها بعطبكم .
والرسالة تطول وأضيف هنا بأن مكتب الدعاية العربية في حينه قال: ان فلسطين العربية تضع مقدراتها بين يدي سموه المعظم متفائلة بالاتحاد لاجل النضال ويلتمس من سموه التوسط لدى السلطات لاطلاق سراح المبعدين والسياسيين المعتقلين .وتم الاتفاق وضع لجنة تضم جميع الاحزاب العربية وكان راغب النشاشيبي عن حزب الدفاع وعوني عبد الهادي عن حزب الاستقلال وحسين الخالدي عن حزب الاصلاح ويعقوب الغصين عن مؤتمر الشباب وابرق عبد الطيف صلاح مؤيداً للقرارات باسم حزب الكتلة اما توفيق الحسيني والذي كان معتذراً عن الحضور لعدم تمكنه والتمس بمقابلة سموه للمثول بين يديه .
أعرب جميع الحضور عن ارتياحهم لهذه المنة العظيمة التي شاء سموه ان يسبغها على الحركة الوطنية والتي اخرجت عنها بفضل سموه المعظم اللجنة المتحدة .
ان الاحزاب لم تولد حديثاً وانما ظهرت منذ تأسيس امارة شرق الاردن ولكن كانت لها اهداف واضحة سابقاً ومنها القضية الفلسطينية ولا زالت ولكننا اليوم ننتظر الثقة المتبادلة والبعد عن لعبة الكراسي حتى نصل الى اهداف منظومة وداعمة وخاصة بقضايا الاردن والمواطن فيما يتفق مع المنطق السياسي والضرورات العملية حتى تحقق رسالتها وأهدافها وان تكون شريك في صنع القرار الوطني وان يكون لها برامج واضحة ومتكاملة وشاملة . وهذا الاهتمام منذ التأسيس الى اليوم بالاحزاب السياسية ورؤية جلالة الملك عبد الله الثاني المكملة لاهداف ورؤية الملك المؤسس لم تكن وليدة اللحظة وهذا ما رأيناه من خلال الاوراق النقاشية لجلالته ويبين جلالته الرؤية الملكية لأهمية الاحزاب وشروطها واهدافها وهذا ما رأيناه من خلال الارادة الملكية والعمل عليها بإصدار اربعة قوانين للاعوام 2007،2015،2012،2022م والذي جاء تنفيدا للارادة السياسية لجلالة الملك للتحقيق العمل الحزبي في الاردن .
إن اهتمام جلالته الملك عبد الله الثاني يعبر عن الاسراع في التطور الحزبي من اجل الوصول الى القرارات المشتركة بين السلطات المختلفة للخروج بأردن ديمقراطي يصنع قراره بنفسه.