.. آخر دلائل التطرف اليميني الإسرائيلي المحتل، أنه يضع القدس والضفة الغربية وغزة وكل المدن المحتلة في فلسطين، تحت أهواء العصابات الصهيونية والتلمودية المتطرفة التي تهدف إلى بناء الهيكل المزعوم، هيكل سليمان مكان حائط البراق في الحرم القدسي الشريف.

.. الواقع المؤلم أن يوم الأحد، بعد ساعات من الآن (..)، قد يكون نقطة مشتعلة، وموقف أمنى سيأسى خطير، يلجأ من خلاله رئيس حكومة دولة الاحتلال إسرائيلي المتطرفة، إلى الانتقام من أحداث الأسابيع الماضية، رابطًا مستقبله بكل عصابات التطرف التوراتي، ونزوعها للعنف والإرهاب، برعاية من قوى الأمن اليهودية التي يشرف على مخططاتها الإرهابي في حكومة الاحتلال «بن غفير»، وفق معلومات أوردتها وسائل وفضائيات وصحف الإعلام الصهيوني ونشرت في العالم ومنها:

.. «أعلنت جماعات يهودية متشددة عن تقديم مكافئات مالية تقدر بـ [3000] دولار لمن ينجح في تقديم (قرابين) داخل المسجد الأقصى ومبلغ [250] دولارا لمن يصل بالأضحية للمسجد الأقصى دون ذبحها، ومن يخفق ويعتقل يحصل على [125] دولارا، عدا عن تحريض واضح على العنف، الأمر الذى استفز أهالي القدس المحتلة، وجميع المسلمين، في وقت لم تتوقف فيه عمليات الاقتحامات اليومية لحرم المسجد الأقصى، وكل حدود أوقاف القدس المسيحية والإسلامية».

قناة «كان» الصهيونية قالت: جرت محاولات من مستوطن يهودي كتب على أحد مواقع التواصل، أنه يخطط لتقديم قربان الفصح في الحرم القدسي الجمعة خلال تواجد آلاف المسلمين داخله للصلاة.

*دلالات الاعتكاف.. حماية الأوقاف ومسرى الرسول.

في توقيت مهم، دعا ما يسمى «الحراك الشعبي في القدس» إلى «فرض الاعتكاف العظيم في المسجد الأقصى بأعداد غفيرة، وخصوصا بعد صلاة التراويح، اليوم السبت»:

«بات الاعتكاف مسألة وجود لا بد أن تنتصر فيها إرادة شعبنا».

دلالات الاعتكاف، حماية مقاومة، أوضحها بيان الحراك بالقول إنه أمام العدوان على المصلين في المسجد الأقصى لطرد المعتكفين؛ «فقد أعلن الاحتلال الصهيوني حربه على ديننا ومقدساتنا؛ وقد أعلن تبنيه المفتوح لعدوان الفصح التوراتي الذى يبيت للأقصى بدءًا من الخميس؛ وأمام هذه الحرب المعلنة على ديننا وأقصانا فإننا نتوجه إلى شبابنا وشعبنا وأمتنا بالزحف المقدس إلى الأقصى بنية فرض الاعتكاف العظيم السبت، ومواصلته حتى نهاية رمضان».

.. ووضع أهمية، معتبرًا أن «الاستعداد لخوض معركة الرباط والتصدي لعدوان الفصح، بدءًا من صباح الأربعاء، لتبديد أوهام العدو في فرض هيكله المزعوم في مكان المسجد الأقصى».

في ذات الوقت، أصدرت دولة الاحتلال قرارًا بشأن دخول سكان الضفة الغربية إلى القدس الشرقية لأداء الصلاة، بالمسجد الأقصى.

وبموجب القرار، تسمح السلطات الإسرائيلية للنساء من كل الأعمار والأطفال الذكور حتى 12 عامًا والرجال فوق 55 عامًا بالوصول إلى القدس دون تصاريح سابقة، بينما تشترط الحصول على تصريح الصلاة خلال رمضان على الرجال من 45 إلى 55 عامًا.

من جهتها، أفصحت الرئاسة الفلسطينية، عن نية الاحتلال تصعيد سلطات الاحتلال في المسجد الأقصى. وقالت إن هدفه توتير الأجواء وجرّ الأمور إلى مربع العنف في شهر رمضان، ورأت أن هذه الإجراءات التصعيدية «تنذر بتفجر الأوضاع الميدانية»، ووفق بيانات من القوى الفلسطينية، توافق على:

*أولا:

كل من يستطيع من الفلسطينيين التوجه إلى المسجد الأقصى والمرابطة فيه لحمايته، وإن ما يحدث في الأقصى استفزاز لإرهاب المرابطين في الأقصى تمهيدًا للسماح للمستوطنين المتطرفين باقتحامه.

*ثانيا:

إن إطلاق الاحتلال النار على شاب فلسطيني، عند أحد أبواب المسجد الأقصى جزء من الحرب الدينية التي يشنها الاحتلال على الشعب الفلسطيني، وإن الاحتلال يحاول أن ينتقم من أهل القدس بعد الزحف الكبير للجماهير الفلسطينية في باحات المسجد الأقصى.

*ثالثا:

في السنوات الأخيرة، بل في الأشهر الأخيرة، قام عدد متزايد من اليهود ومعظمهم من التوراتيين الإسرائيليين بالصلاة سرا في الحرم، ما أثار غضب الفلسطينيين. وفى يناير قام وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف، إيتمار بن غفير، بزيارة إلى باحات المسجد الأقصى قوبلت بإدانات واسعة لما ينظر إليه على أنه «تجاوز للخطوط الحمراء».

*رابعا:

في تطور لافت، قال الناطق باسم حماس عن مدينة القدس محمد حمادة: شعبنا لن يقف صامتًا أمام تهديدات المستوطنين بذبح القرابين في المسجد الأقصى.

الانقلاب الدستوري الإسرائيلي ربما يكون تدخل بايدن ضد نتنياهو متأخرًا، لكنه لم يتراجع لقد استغرق الأمر الكثير من الوقت الثمين حتى تستوعب واشنطن أن هناك خطرًا واضحًا وقائمًا على مستقبل دولة إسرائيل، التي تخلى زعيمها علنًا عن أي واجهة ليبرالية لتعريف إسرائيل بوضوح كدولة يهودية أو ديمقراطية توراتية.

السياسة الخارجية للولايات المتحدة، مثل عمليات صنع القرار في أي منظمة ضخمة ومرهقة، يتم إجراؤها في معظم الحالات في عملية تشبه التنقل في حاملة طائرات: يستغرق الأمر وقتًا لتغيير اتجاه الشراع، ولكن من اللحظة التي يتم ذلك فيها لم يعد من الممكن إعادته بسهولة إلى مساره السابق.
…
عمليا، وفى ليل الأحد، تواصل «جماعات الهيكل» المزعوم تحشيد أنصارها من المستوطنين المتطرفين، في محاولة لتحقيق أحلامها وأطماعها في المسجد الأقصى المبارك، بـ«ذبح قرابين الفصح» العبري داخله، وتكثيف الاقتحامات وأداء طقوسهم والتلمودية، بحسب متابعة إعلامية لمركز «صفا» الفلسطيني، والذى اعتبر ما يحدث، عمليات أمنية يهودية متطرفة تأتى وفق مؤشرات منها:

1: استباقًا للعدوان الأكبر على المسجد الأقصى بـ«عيد الفصح»، أعلنت منظمة «شباب هار ايل»، إحدى «منظمات الهيكل» الأكثر عدوانية وإجرامًا بحق الأقصى، عن نيتها تنفيذ اقتحام جماعي كبير للمسجد، احتفالا بما يسمى «يوم العالية»، وهو اليوم العاشر من نيسان العبري، والذى يرمز إلى الهجرات اليهودية من الشتات إلى فلسطين.

2: المنظمة المتطرفة، دعت أتباعها من المراهقين والشباب، وغلاة التطرف لاقتحام الأقصى ابتداءً من غدٍ، مرتدين قمصانًا زرقاء، تحمل عبارات «الهيكل».

3: تحت عنوان «هذا العام سنفرض القربان»، أعلنت جماعة «العودة إلى جبل المعبد»، عن مكافأة مالية بقيمة 20 ألف شيكل، لكل مستوطن ينجح بـ«ذبح قربان الفصح»، داخل المسجد الأقصى.

ورصدت مكافآت مالية تعويضية لكل مستوطن تعتقله شرطة الاحتلال أثناء مشاركته في «قربان الفصح»، بحيث يحصل الذى يعتقل أثناء التحضير على 500 شيكل، أما من يعتقل داخل البلدة القديمة وهو يحمل «نعجة الفصح» فسيحصل على 1200 شيكل، ومن يعتقل داخل الأقصى وهو يحملها فتعويضه سيكون 2500 شيكل.

وتشكل هذه المبالغ ضعف ما أُعلن عنه من مكافآت خلال العام الماضي؛ وتأتى جزءًا من حملة غير مسبوقة تطلقها «جماعات الهيكل» لفرض القربان في المسجد الأقصى بالقوة هذا العام، وتحديدًا يوم الأربعاء المقبل.

4: إن المتطرفين يحاولون استغلال أعيادهم الدينية من أجل تحقيق أطماعهم في إقامة «الهيكل» المزعوم مكان الأقصى، وما إصرارهم على «تقديم القرابين» في المسجد، إلا مقدمة أساسية فعلية نحو وضع حجر الأساس لبناء هيكلهم.

5: إن هؤلاء المتطرفين يحاولون ربط أعيادهم بما يسمى «جبل الهيكل»، «لإثبات صلة هذا المكان بالديانة اليهودية، وأنه جزء من عقيدتهم».

«لذلك يعملون على حشد أكبر عدد ممكن من المستوطنين لاقتحام الأقصى، لأنهم يعتبرونها مناسبة دينية يستطيعون من خلالها الترويج لرواياتهم التلمودية، وربط ديانتهم بهذا المكان، وإثبات أحقية اليهود فيه».

6: التواجد الفلسطيني في الأقصى يستفز هؤلاء المستوطنين بشكل كبير، لذلك تعمل شرطة الاحتلال على الانتقام من الفلسطينيين والتضييق عليهم ومنع وصولهم للمسجد، عبر الإبعاد والاعتقال.

ويؤكد أن الجماعات المتطرفة تنتظر الفرصة السانحة لأجل تغيير الواقع في الأقصى وفرض وقائع جديدة، وإزالة كل ما يُدلل على الهوية الحقيقية للمدينة المقدسة، تمهيدًا لجلب المزيد من اليهود إلى المدينة المحتلة.

7: الاحتلال الصهيوني، وحكومة نتنياهو المختلفة، وجماعاته المتطرفة أنجزوا إقامة ما يسمى «مطاهر الهيكل»، و«طريق درب الحجاج»، وبناء كنيس في محيط الأقصى، والآن يعملون على «إقامة المذبح»، كخطوة أولى نحو بناء «الهيكل».

خط الدفاع الأول

8: بعث 15 حاخامًا رسالة إلى رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، طالبوا فيها بالسماح للمستوطنين بذبح «قرابين الفصح» لهذا العام في المسجد الأقصى.

10: أعلنت منظمة (هار ايل) اليهودية الشبابية المتطرفة عزمها تنفيذ اقتحام جماعي كبير للمسجد الأقصى المبارك الأحد المقبل، احتفالا «بيوم العالية» وهو اليوم العاشر من نيسان العبري ويرمز إلى الهجرات اليهودية من الشتات إلى فلسطين.

ودعت المنظمة في بيان، أتباعها من الشباب إلى اقتحام الأقصى مرتدين قمصانا زرقاء تحمل عبارات الهيكل المزعوم تزامنا مع اقتحامات جماعية أخرى للمسجد.

من جهتها دعت منظمات الهيكل جمهورها إلى إحضار قرابينهم الحيوانية والتجمع على أبواب المسجد الأقصى المبارك، مساء الأربعاء المقبل 14 رمضان، وحددت ساعة التجمع عند 10:30 ليلًا، مشيرة إلى أن وقت القربان توراتيًا يبدأ من مغيب شمس الأربعاء.

وطالبت هذه الجماعات أنصارها بإحضار حيوانات القربان بهدف ذبحها ليلًا داخل المسجد الأقصى، والتي عنوَنت إعلانها بأنه إعلان عن «حالة طوارئ»، داعية أنصارها إلى المساهمة «وأن لا يفوتوا قربان الفصح في جبل الهيكل».
*
الوصاية الهاشمية، طريق شرعي قانوني.

يتابع العالم، تحديدا القوى الدولية والأممية، وكل دول المنطقة والإقليم، ما يحدث في فلسطين المحتلة، ومواقف الدول التي تراقب وتتابع الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية في ظل حكومة نتنياهو المترهلة، والجميع متفق، على الرؤية الأردنية، الهاشمية، وأن على الأردن، تأكيد الوصاية الهاشمية الشرعية القانونية، فالملك الهاشمي، الوصي، صاحب فكر وحضور دولي وعربي وإسلامي، طالما دافع وصيًا عن الأماكن المقدسة الإسلامية في القدس المحتلة، وعلى كل الأوقاف المسيحية والإسلامية في القدس وقد دعمت الولايات المتحدة الأمريكية ذلك، خلال زيارة الملك الوصي الهاشمي عبدالله الثاني، إلى واشنطن، حيث التقى فيها الرئيس الأمريكي، جو بايدن ونائبته، كامالا هاريس، بحضور ولى العهد الأمير الحسين، وقد اقرت الولايات المتحدة الأمريكية، بدور المملكة الأردنية الهاشمية «الحاسم كوصي على الأماكن الإسلامية المقدسة في القدس»، وذلك لتحقيق الاستقرار والسلام في فلسطين المحتلة وفى الشرق الأوسط».

.. وبالإشارة إلى التوتر المتصاعد حول الحرم القدسي، كان الرئيس بايدن أعاد التأكيد على «الضرورة الملحة للحفاظ على الوضع التاريخي القائم في الأماكن المقدسة بالقدس»، وفق بيان للبيت الأبيض.

*تعمد توقيت الأزمة حول المسجد الأقصى

.. قيل العديد من الاجتهادات وتحليل الأحداث حول قصة التوقيت، وتعمد خلق أزمة دينية وسياسية وأمنية، تتعلق بعيد الفصح اليهودي والذى يبدأ في الخامس عشر من نيسان (أبريل) ويستمر لمدة أسبوع، لكن ذروة عيد الفصح في منتصف شهر نيسان اليهودي، أي عند اكتمال القمر الأول بعد الاعتدال الربيعي (20 أو 21 مارس)، وهو ما يصادف منتصف شهر رمضان المبارك ويتم فيه تقديم القرابين، والتي يحاول غلاة المتطرفين ذبحها في المسجد الأقصى، مسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

.. وفى فهم دقيق للمرحلة والتوقيت، مع حال التهور في الكيان الصهيوني، أن الهدف وراء «ذبح القرابين» في المسجد الأقصى بحسب الزعم التوراتي، يعود إلى أنه «وهم ديني» وطقس يهودي مندثر، يرون (قوى التطرف التوراتي الصهيوني داخل وخارج إسرائيل) في إحيائه شكلا معنويا لإحياء الهيكل، كما أن له رمزية عند المتطرفين لاعتباره من أهم دلالات الوجود اليهودي في المسجد الأقصى.

.. ومنذ العام 2014 والمستوطنون يحاولون الاقتراب مرة تلو المرة من ذبح القرابين داخل الحرم القدسي، وكان قدمت جماعات يهودية «القربان» في قرية لفتا المقدسية المهجرة، وفى العام 2015 بمستوطنة «شيلو» شمال رام الله، وفى العام 2016، اقتربت أكثر من الأقصى وقدمت القربان في منطقة جبل الزيتون بالقدس.

وفى العام 2017، بحسب تقارير موثقة، وفيما يسمى بـ«كنيسة الخراب» في حارة المغاربة بالبلدة القديمة، وفى العام 2018، قُدمت عند القصور الأموية قرب سور المسجد الجنوبي، وفى العام 2019، تم تقديمها بالبلدة القديمة بالقرب من سوق اللحامين المطل على المسجد الأقصى، وفى 2020 توقفت الطقوس بسبب جائحة كورونا، ليتجدد في العام 2021، في «كنيس» بالقرب من حائط البراق.

ويرمز عيد الفصح إلى خروج بنى إسرائيل من مصر، وكشكر لله على ذلك يقدم اليهود القرابين ويعتقدون أن مكان تقديمها داخل باحات المسجد الأقصى.

.. ما زالت الأحداث تتباين، وحقيقة سقوط حكومة الاحتلال الإسرائيلي الصهيوني من نتاج التطرف الذى ينذر بالخير ويحاول فرض العنف والتطرف عبر تهويد القدس العربية أرض السلام والمحبة.

(الدستور المصرية)