غياب المضمون الإستراتيجي عن الخطاب الإعلامي الأردني
باتر محمد وردم
14-12-2010 05:09 AM
مع كل حادثة حساسة في السياق السياسي الأردني أو الإقليمي ، يعود الحديث الناقد لتراجع دور المؤسسة الإعلامية الأردنية كمصدر موثوق للمعلومات مقابل نمو تأثير وسائل الإعلام الخارجية والتي أصبحت المقصد الأول للحصول على المعلومات من قبل الرأي العام الأردني. ولكن أحد أهم مظاهر الخلل في العمل الإعلامي الأردني والذي لا يحظى بالكثير من النقاش هو العلاقة الخارجية ، وتوضيح وجهة النظر الأردنية تجاه المستجدات الفورية أو الملفات المزمنة للرأي العام العربي والدولي.
لا نزال في الأردن نجد صعوبة في فهم علاقة الدولة بالإعلام ، وخاصة على الصعيد الخارجي. إن الإعلام المحلي المخصص لتأييد سياسات الحكومة والدفاع عنها ربما يستطيع أن يحقق نجاحا جزئيا مع القارئ الأردني وخاصة في حال استخدام مصطلحات الوطنية والانتماء ، وربما تكون هناك إسهامات عقلانية من بعض المؤسسات الإعلامية وباجتهاد ذاتي لتوضيح موقف سياسي حكومي لا يحظى بالرضا العام. ولكن من الواضح أن هناك فشلا هائلا فيما يتعلق بنشر وجهة النظر الأردنية والدفاع عنها خارج حدود هذا البلد سواء باللغة العربية أو الإنجليزية أو الفرنسية أو غيرها من لغات العالم.
المشكلة أن الأردن ، وهو دولة المؤسسات والقانون يفتقر تماما إلى "مؤسسة تفكير استراتيجي" في اتخاذ القرار ترتبط بشبكة إعلامية من شأنها تقوية القرار الأردني وجعل هذا القرار مبنيا على معلومات دقيقة. في الكثير من الدول ومنها بعض الدول العربية ، تقوم الدولة بإنشاء مركز رصد ودراسات استراتيجي مختص بتقديم المعلومات الدقيقة من مختلف أنحاء العالم والتوجهات الاستراتيجية التي يمكن أن تؤثر على القرار الأردني ، ويتم تقديم هذه المعلومات لأصحاب القرار في الحكومة بشكل رئيسي من أجل اتخاذ قرار علمي ودقيق. وهذا المركز بالذات يمكن أيضا أن يساهم في "صياغة" الطريقة التي تقوم بها الدولة بإعلان مواقفها وبطريقة استراتيجية لتساهم بتحويل هذا القرار من ارتجال إلى فعل منظم وتوضيح السيناريوهات المتوقعة بعد اتخاذ القرار وكيفية التعاطي معها.
أعتقد بأن الأردن بحاجة إلى خطاب إعلامي غير اعتذاري ، ويتميز بمنطق ونوع من العدوانية الإيجابية حتى ندافع عن بلدنا ، ولكن المهم أن يكون الخطاب الرسمي الذي ندافع عنه منطقيا ويستند إلى مصالح عربية وأردنية واضحة ولكنه يجب أن يكون خطابا واضح النبرة ومستندا إلى المعلومات والأدلة ومدركا تماما لأبعاد هذا الخطاب وكيفية التعامل مع ردود الفعل عليه وخاصة في منطقة مضطربة وتتميز بأحداث يومية تحتاج إلى الفهم والاستيعاب أولا ومن ثم القدرة على التعاطي معها من خلال المنطق والمعلومة الصحيحة ، وهنا يأتي الدور المحوري لتقوية الخطاب الإعلامي الأردني بواسطة مضمون إستراتيجي يحترم العقل الناضج.
batirw@yahoo.com
عن الدستور.