عندما يأخذ البنك المركزي بسياسة المحافظة على استقرار سعر صرف الدينار، فهذا لا يعني فقط حماية الدينار من الانخفاض تجاه العملات الأخرى، بل يعني أيضاً منع الدينار من الارتفاع مقابل العملات الأخرى.
خلال خمسة عشر عاماً من المحافظة على ثبات سعر صرف الدينار، لم يتعرض الدينار لا للانخفاض ولا للارتفاع (بمقياس الدولار) بالرغم من توفر عوامل تدعو للانخفاض حيناً والارتفاع حيناً آخر حسب الظروف المتقلبة.
في الظروف الراهنة تعني سياسة الحفاظ على استقرار الدينار منعه من الارتفاع، فالطلب على الدينار اليوم أقوى من العرض، ولكن البنك المركزي يبدي استعداداً لعرض أية كمية من الدنانير المطلوبة، وشراء أية كمية من الدولارات المعروضة. ومن هنا ارتفع احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية بتسارع وإلى مستوى غير مسبوق.
الطلب المرتفع على الدينار لا يعود لاستقراره فقط، بل لفرق سعر الفائدة أيضاً، فهو مرتبط بالدولار بسعر ثابت وقابل للتحول إلى دولارات وبالعكس بدون قيود، ومع ذلك يحصل حامل الدينار على عائد يتراوح بين 3% إلى 5%، في حين لا يحصل حامل الدولار على أكثر من كسر بسيط من 1%، فلماذا لا يتحول إلى الدينار ليجني عائداً أعلى طالما أنه يستطيع (إذا شاء) العودة إلى الدولار في أي وقت دون خسارة فرق عملة.
الانطباع بأن العملة القوية أفضل خطأ، وإلا لماذا نشهد حرب العملات بين الدول الكبرى، تحاول كل منها تخفيض عملتها (أميركا) أو منعها من الارتفاع (الصين) لتحسين مركزها التجاري.
تقلبات سعر صرف الدولار عالمياً لا تؤثر على تعاملنا التجاري مع أميركا، فالدينار مرتبط بالدولار بسعر صرف ثابت، وما تفعله أميركا بالدولار لتحسين مركزها التجاري ينطبق تلقائياً على الدينار ويحسن مركزنا التجاري، وما يخدم الصادرات الأميركية يخدم الصادرات الأردنية تلقائياً.
سعر الصرف الثابت سلاح ذو حدين، فهو يعزز الثقة بالعملة الوطنية ويشجع تدفق الأموال إلى الداخل، كما يحصل الآن، ولكنه يسهل نزوح الأموال الساخنة وتدفق الأموال إلى الخارج مستفيدة من ثبات سعر الصرف، وهذا ما لم يحصل حتى الآن، ولن يحصل إذا نجح الأردن في تقليص عجز الموازنة وضبط المديونية.
(الرأي)