اجتمع وزراء خارجية دول الاتحاد الاوروبي امس لبحث عملية السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين وسط ضغوطات اوروبية شعبية تنادي بادانة اسرائيل, اهمها المذكرة التي ارسلها 26 شخصية اوروبية ( كانوا مسؤولين في دولهم) الى وزيرة خارجية الاتحاد (اشتن) طالبوا فيها بأن يفرض الاتحاد عقوبات على تل ابيب لمواقفها ضد السلام.
غدا او بعد غد, سيلتقي وزراء خارجية الدول العربية في مقر الجامعة بالقاهرة للغرض نفسه وبحث ما آلت اليه عملية السلام بعد اعلان واشنطن فشلها في الضغط على حكومة نتنياهو لوقف بناء المستوطنات.
بالطبع, من المستبعد ان تفرض دول الاتحاد الاوروبي عقوبات على اسرائيل لسببين, الاول, لان موقفها مرتبط بـ (ذيل) الموقف الامريكي, والثاني, لانه اذا كان العرب لا يفرضون هذه العقوبات على اسرائيل فكيف لأحد ان يطالب الاوروبيين بأن يكونوا عربا اكثر من العرب انفسهم.
غير ان ما هو ممكن, لكنه غير موجود, دور الشخصيات والاحزاب ومنظمات المجتمع المدني في الدول العربية, التي لا نرى لها حضورا يذكر في ممارسة ضغوط من اي وزن على دولها من اجل تغيير مواقفها المتهاونة تجاه العربدة والغطرسة الاسرائيلية في القدس والاراضي المحتلة, تحت اعذار واهية تقدمها هذه الحكومات لتبرير تخليها عن قضية فلسطين التي هي قضية عربية مركزية, لانها تتعلق بالمصير والمصالح والامن والاستقرار القومي, قبل ان تكون قضية الشعب الفلسطيني او ما تبقى منه في الضفة والقدس المحتلتين.
لقد احدث النائب البريطاني جورج غالوي وغيره من النواب الاوروبيين المناصرين للقضية الفلسطينية ثغرات واسعة في جدار الاكاذيب الصهيوني الذي يصور الاسرائيليين بأنهم الضحية وبأن الفلسطينيين والعرب مجرد ارهابيين متعطشين للقتل وإقلاق راحة الحمل الاسرائيلي الوديع.
وبتراكم حملات غالوي لدعم غزة في ظل الحصار الخانق, كان اسطول الحرية الذي ازال القناع عن وجه الصهيونية لتظهر على حقيقتها النازية العنصرية, الى جانب تحركات جمعيات اساتذة الجامعات البريطانية, ومنظمات المجتمع المدني في فرنسا الداعية لمقاطعة الجامعات الاسرائيلية ومنتجات المستوطنات قدمت الشعوب الاوروبية دروسا في العمل الشعبي الانساني لمناصرة قضية الحرية في فلسطين, فيما تغرق الشعوب العربية في سُبات عميق نتيجة عهود طويلة من الاستبداد وسلب الحريات, ومن ظلام هذا السُبات يطل على العالم بين وقت وآخر (متطوعون عرب من اجل خدمة اسرائيل والصهيونية) من خلال القيام بعمليات ارهابية تستهدف الشعوب الاوروبية الآمنة التي تقاوم سياسات حكامها, فيما تصادق الدول العربية هؤلاء الحكام وتناصر سياساتهم! .
لم نمل او نكل كشعوب من القاء المسؤوليات على دولنا وحكوماتنا لتقصيرها في الدفاع عن مصالح الأمة وقضاياها العادلة, لكننا كشعوب وشخصيات سياسية وثقافية ومنظمات مجتمع مدني لا نحرك ساكنا بما نملك من ادوات للتأثير على صانعي القرار في دولنا, فلا احد يفكر بمذكرات يوقع عليها سياسيون ومثقفون وبرلمانيون عرب سابقون او حاليون يطالبون حكوماتهم بالتحرك لمعاقبة اسرائيل, كما فعل السياسيون الـ 26 في دول الاتحاد الاوروبي!.
كل ما نسمعه على الساحة الشعبية في العالم العربي اصوات مكاتب التمويل الاجنبي التي تسعى لتحويل انظار الشعوب من الاهتمام بالقضايا المركزية الى المسائل الهامشية في غمرة ما تثيره من جدالات تنحدر الى درك الطائفية والمحاصصة التقسيمية والنتيجة مشهد عام بائس على مستوى الرأي العام لا يقل في المحصلة تقاعسا وتهاونا عن ما يجري في المستويات السياسية. فالكل, حكومات ومنظمات (يغني على ليلاه), لكن ليس (على ليلى التي في العراق) انما لليلى التي في واشنطن ولندن وباريس وبرلين.
taher.odwan@alarabalyawm.net
(العرب اليوم)