تهافت الفتوى السيا - دينية
سامي الزبيدي
14-12-2010 02:37 AM
في مصر حدث مثل هذا الأمر ومثله ايضا حدث في الاردن بأن قامت جهة رسمية مصرح لها بالافتاء فأفتت بوجوب المشاركة في الانتخابات النيابية وقبل هذا الأمر استخدمت الفتوى في أمور عدة ذات طابع سياسي صرف اذ حين استعانت الكويت الشقيقة بقوات عربية ودولية من اجل تحريرها عقب الغزو العراقي تناطحت الفتاوى بهذا الشأن بين فتوى رافضة واخرى حاثة على القبول والهدف دائما سياسي.
أين هي المشكلة في هذا الأمر ؟
انها اصلا في ارغام المعتقِد على اتخاذ موقف ديني من شأن سياسي والشواهد تدل على ان الحكومات العربية والمعارضات العربية استلت سيف الفتوى لاشهاره في وجه الخصوم السياسيين وهو أمر يؤذي المعتقَد كما يلوث السياسة بحيث لا احد يستطيع الفصل بين شأن روحي وآخر دنيوي وهي معضلة ليست سياسية فحسب تقع فيها السلطات والمعارضات العربية بل هي ايضا معضلة ثقافية وحضارية اذ ما زال القوم يستلون من التراث الديني ما يؤكد او ينفي وجهات نظر سياسية صرفة.
اذن كل المشتغلين بالسياسة لا يزالون اسيري حالة من التفكير ماضية لا يلتزمون بمضامينها بل على العكس يستخدمونها على غير مراميها التي تأصلت عليها، هذا الأمر يضعنا أمام استعصاء كبير اذ كيف ارفض القاعدة واقبل ما دونها من تصورات اسلامية في حين ان كل التعبيرات «الاسلامية» السياسية – بما فيها القاعدة تنهل من ذات المعين .
الخلل في جعل القيم الاسلامية الكبرى فوق اي شأن سياسي لأنها قيم حضارية للعربي غير المسلم وهي قيم عقدية للمسلم العربي فلا مبرر لاستلال سيف الفتوى لتدمير رؤية سياسية او لدعمها.
ليس هنالك من يدعي انه سادن للقيم الاسلامية ولا ينبغي لأحد ان يحتكر الدين لأن الدين كمعتقد هو ملك للمؤمنين به عقائديا وهو ملك لمن عاشوا في كنفه ثقافيا وبالتالي فان قيام الأحزاب على أسس دينية فيه ايذاء للدين وليس رفعة له.
آن لنا ان نخرج من هذا الاستعصاء وآن لنا ايضا ان نبتعد عن اصدار الفتاوى في شؤوننا السياسية ان لم يكن احتراما للقيم النبيلة التي تحتويها الأديان فعلى الاقل احتراما لعقل المتلقي.
الفتوى ليست سلاحا سياسيا يستل في وجه الخصوم والمفتون لا – ينبغي لهم – ان يكونوا حزبيين لان الفتوى ههنا تغدو أمراً حزبيا يدافع عن رأي سياسي ضد رأي سياسي آخر وهو ما لا يقبله مؤمن او وطني.
samizbedi@yahoo.com
(الرأي)