تشهد الأحزاب السياسية ومنذ ما يقارب العام مخاض إعادة التكوين وفقاً لقدرتها أو مدى انتاجيتها في الشارع العام، وذلك مع بزوغ قانون الأحزاب السياسية الجديد رقم (7) لسنة (2022) والذي يرى فيه العامّة إمكانية إحياء الحياة الحزبية التي تمهد لحكومات برلمانية حزبية قادرة على تقديم ذاتها في مرحلتين أساسيتين وهما الوصول في أغلبية أو ائتلاف إلى البرلمان من خلال الانتخابات ومن ثم القدرة على تشكيل أغلبية حزبية مساندة داخل البرلمان.
ولكن من يتابع مسألة تصويب الأوضاع للأحزاب والتي منحها إياها القانون يستطيع أن يرى أن عملية التصويب ما زالت شكلية في الجسد الخارجي للحزب، إذ لم تتمكن لهذه اللحظة الأحزاب من تقديم ملف عملها للشارع العام بصورة مختلفة أو نمطية مغايرة يمكن لها أن تحدث التغيير.
ما زالت الأحزاب السياسية الموجودة على الساحة الأردنية تؤمن بفكرة الأيدلوجيا الحزبية على البرامجية الواقعية وهذا الطرح يُعاني في تقديمه للشارع العام، إذ لا يمكن إقناع شاب في محافظة أردنية تخرج من جامعته أن الاشتراكية يمكن أن تحل له إشكالية البطالة وأن يكون هذا الدافع له للانتساب إلى الحزب هذا أو ذاك، أو أن تكون مثلاً الليبرالية الجديدة هي المُنجد لهذا الشاب الذي يبحث عن وظيفة كي يبدأ حياته.
لذا هذا الطرح أصبح مستهلكاً زمنياً والظروف جميعها تُحيله للتقاعد، أمّا الأحزاب البرامجية فهي أيضاً تحتاج إلى تقديم وقائع منطقية بعيدة عن الخطابات الشعبوية أولاً حتى لا تقع في غياهيب الوهم وأن تكون ذات كفاءة يمكن تقديمها وفق الحالة الوطنية وبشكل يمكن قياسه، حتى يستطيع الآخر البعيد النظر إلى قدرت الحزب وبرنامجه على الإنجاز.
أيضاً من الضرورة خلال المرحلة القادمة أن تنظر الأحزاب السياسية إلى فكرة المناصرة الحزبية وليس فقط الإشتراك كعضو حزبي، إذ إن الأهم للحزب السياسي ليس عدداً بالعضوية بقدر أن يكون عدداً مناصراً له وذلك لا يمكن أن يكون ذو جدوى دون وجود دراسات برامجيه للحزب اقتصادية سياسية تُقدّم بصورة متطورة للعامة يمكن لها أن تأتي أٌكلها في الشارع العام.
وفي الختام؛ نحن أمام مرحلة قد تكون الأهم في تاريخ تطور الحياة السياسية الحزبية فإما أن تنجح الأحزاب بتطوير نفسها قبل أن تقدم ذاتها للعامة أو أن تأكل نفسها ونبقى في ذات الدائرة.