احجزوا مخصصات للتخطيط والدراسة وتخلوا عن الافتراضات الخاطئة
م. رياض الخرابشة
31-03-2023 09:36 PM
لكي لا تفشل رؤية التحديث الاقتصادي مابين ضبابية المشهد واشكالية اعداد وتطوير وتجهيز المشاريع الكبرى في القطاع العام نقول باننا جميعا نتذكر المنحة الخليجية بقيمة خمس مليارات للمشاريع التنموية مع بدايات الربيع العربي وذاكرتنا حية لحال الموسسات وهي تبحث عن مشاريع جاهزة تخطيطا ودراسة وتصميما لكي نتمكن من انفاق تلك الاموال تنمويا بعيدا عن سوء توجيه الانفاق.
ولعل هذه المقدمة تتطلب استعراض مجموعة افتراضات او قناعات خاطئة يجب ان نتخلص منها وقت تعاملنا مع الرؤية واولها اعتماد المسؤولين اعتمادا خاطئا على اصطلاح ذاكرة السمك عند تشخيصهم لطريقة تفاعل المواطن مع القضايا العامة ومع ان ذاكرة السمك بمثابة " مسكن الم او بندول طبيعي " الا ان الاستفادهة من تسارع الاحداث وكثرتها وسهولة انتشارها من المسؤولين امر طبيعي وابعد من ذلك البعض يعتقد ان الترندات اصبحت صناعة رسمية او حكومية او امنية كما هو الحال مع الاشاعات التي كانت اهم ادوات النخبة في توجيه الرأي العام قبل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي خاصة وانك في اليوم الواحد ممكن ان تشهد اكثر من ترند يستحوذ على اهتمام الناس.
وبالتالي تركيز الناس المجمل على الاداء الرسمي لايكفي لخلق توجهات شعبية عامة بقناعات واضحة وهذا اول افتراض خاطىء لان الوعي الجمعي والتكاتف الاجتماعي اتجاه القضايا العامة حاضر دائما ويمكن الزيادة على ذلك وان نقول ان العلاقة مابين المعارضة السياسية في المملكة الاردنية الهاشمية التي تحظى بوجود شعبي منظم او خطاب شعبي مؤثر والحكومات المتعاقبة تجاوزت كل اشكال المعارضة البناءة الى علاقة عدمية ينتظر فيها كل طرف فشل الطرف الاخر مبتهجا وهنا اتحدت عن معارضة سياسية موجودة في كل قطاعات الدولة التجارية والتعليمية والخدمية والنقابية وحتى الحزبية وترجمت وجودها في السيطرة على العمل النقابي في نقابات الاطباء والمهندسين والمعلمين والمحامين وهذا افتراض ان صحت مفرداته فاننا نحتاج لخلق اجواء دمج اجتماعي وسياسي مبني على الثقة المتبادلة لضمان مشاركتهم الفاعلة في تحقيق اهداف الرؤية وخلاف ذلك فان اي مسؤول عام يعتقد بالقدرة على تحقيق اهداف الرؤية بدونهم مخطىء تماما ولا يحتاج الامر الكثير من التوضيح او التوصيف للعلاقة ما بين موسسات الدولة وسكان المحافظات حيث ان ضعف الاداء تنمويا وبرامجيا ذهب بعيدا ليكون اقرب للسلبيه منها للايجابية.
والسؤال الاهم والحاسم كيف تتفاعل هذه الاعتبارات مع رؤية التحديث الاقتصادي والتي هي خطة عمل الدولة للعشر سنوات القادمة؟
وهنا يجب ان نقول ان الذاكرة الاليكترونية سواء كانت من غوغل او من اليوتيوب وثقت للاردنيين احاديث المسؤولين عن "رؤية الاردن ٢٠٢٥ " التي اطلقت من حكومة النسور ووثقت ايظا خطة تحفيز النمو الاقتصادي من حكومة هاني الملقي ووثقت ايظا مصفوفات ومنصات الرزاز التنفيذية.
والمواطن الاردني امام هذه الخطط الورقية لم يفقد الثقة فحسب بل تجاوز الامر ذلك الى فقدان القائمين على تجهيزها الثقة في منهج عملهم لان اي عمل لا يؤدي لنتيجة هو ضياع للجهد والوقت والثقة.
وعليه ومع اننا نعي ان رؤية التحديث الاقتصادي تضمنت الخطة التنفيذية لحكومة الخصاونة التي اعلنتها مع بداية التشكيل وتضمنت ايظا جهود التحديث والمراجعة التي قامت بها وزارة النقل بخصوص استراتيجية النقل الوطني والاشارة لهذا التضمين مهمه من حيث استحالة قياس انجاز تلك الخطط طالما انها دمجت مع رؤية التحديث الاقتصادي.
فاني اقترح على القائمين على رؤية التحديث الاقتصادي ومن نافذة ان عمرها عشر سنوات ولابد ان يكون الثلث الاول من عمرها لاعداد الدراسات والتخطيط والتصاميم للمشاريع ولانجاز هذه المهمة لابد من حجز المخصصات اللازمة لذلك والتي يمكن تقديرها بنسبة ٥٪ من اجمالي الكلف الرأسمالية المقدرة للمشاريع واقترح ايظا تشكيل فريق عمل للمتابعة من اصحاب الخبرات في اعداد وتجهيز وتطوير المشاريع الكبرى لان مؤسساتنا بحاجة ماسة لهذا النوع من الخبرات فضلا عن انه يمكن اعداد كشف بكثير من المشاريع التي لم ترى النور بسبب ضعف القائمين على تجهيزها .
وختاما اتمنى ان تجد هذه الاقتراحات وهذه الوقفة اذنا صاغية لكي نقدم لسيد البلاد وربانها الذي ابحر بنا سالمين في محيط ملتهب ما يوازي جهوده في الحفاظ على الاردن منيعا قويا.
المهندس رياض الخرابشة
المدير التنفيذي للنقل ومشاريع البنية التحتية في امانة عمان الكبرى