ردا على منتقدي مقالة المعشر والشرفات بخصوص الاردني المسيحي
باسل جورج الزعمط
31-03-2023 04:57 PM
جاء مقال القامة الوطنية معالي د رجائي المعشر بتذكير المجتمع الأردني ان المسيحيين في الاردن ليسوا طائفة او قومية داخل قومية وانما كانوا وما زالوا أردنيين يدينون بالمسيحية تحت ظل الدستور الذي يعطي كافة المواطنين حرية ممارسة الطقوس الدينية ودوما هم أردنيون مسيحيون وليسوا مسيحيين أردنيين..
وما اتبعه مقال سعادة العين طلال الشرفات الذي التقط الرسالة وكتب مقالا جميلا اضاف الى ما ذكره المعشر بوحدة المجتمع الأردني في سياق الهوية الواحدة التي تجمع جميع المواطنين ضمن الحكم الهاشمي الرشيد بعيدا عن المحاصصة والانتهازية والانسلاخ عن المجتمع.
الغريب ان مناضلي الدعوة إلى "المجتمع المدني" والدولة المدنية الذين يجب أن يكونوا في مقدمة المدافعين عن الحقوق المدنية لجميع الأردنيين.. رأوا ان مطالبة بعض الأردنيين المسيحيين بقانون ميراث خاص بهم كما في أحكام الزواج والطلاق شيئا طبيعيا ومن باب المساواة.. لذا ارجو ان يتسع صدر المطالبين بالانفصال عن المجتمع بقوانين انعزالية خاصة لهم التفكير بالنقاط التالية:
اولا: ما هو القانون "المسيحي" للميراث؟ للعلم لا يوجد في العالم شيء اسمه قانون "مسيحي" للميراث. فعندما جاء احد اليهود وطالب السيد المسيح بميراثه من أخيه لان شريعة موسى كانت تعطي الميراث كاملا للأخ الذكر البكر وتحرم الانثى، كما في الإنجيل: وَقَالَ لَهُ وَاحِدٌ مِنَ الْجَمْعِ: «يَا مُعَلِّمُ، قُلْ لأَخِي أَنْ يُقَاسِمَنِي الْمِيرَاثَ». فَقَالَ لَهُ: «يَا إِنْسَانُ، مَنْ أَقَامَنِي عَلَيْكُمَا قَاضِيًا أَوْ مُقَسِّمًا؟» وَقَالَ لَهُمُ: «انْظُرُوا وَتَحَفَّظُوا مِنَ الطَّمَعِ، فَإِنَّهُ مَتَى كَانَ لأَحَدٍ كَثِيرٌ فَلَيْسَتْ حَيَاتُهُ مِنْ أَمْوَالِهِ».. هنا جواب المسيح واضحا قاطعا بانه ليس صاحب اختصاص بالموضوع وهو الذي قال: أعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله".
وعليه ما هو المرجع للكنائس الشرقية والغربية او لمناضلي الدولة المدنية؟ علما بأن الزواج والطلاق مختلف بينها.. فمثلا تقبل الكنيسة الرومية الارثوذكسية بزواج المطلق/ المطلقة مرة ثانية بينما الكنيسة اللاتينية ترفض تزويج المطلق/ المطلقة مرة أخرى بل وترفض الطلاق من أساسه
ثانيا : الميراث هو ليس فقط استبدال "الذكر مثل حظ الأنثى" مقابل "مثل حظ الانثيين" في ميراث الابناء كما يفهم البعض. هناك العديد من الحالات التي يصعب اجابتها مثلا: ما هو ميراث زوجة الاب؟ هل يقبلون ان ترث زوجة ابيهم في حال زواج الوالد بعد وفاة الام نصف الثروة؟
ثالثا: نستغرب تناقض المطالبين بالدولة المدنية مع ابسط مبادئها.. فهم يريدون ربط الاردني المسيحي بمرجعية كنسية بينما مفهوم الدولة المدنية يقوم اساسا على منع مثل هذا الربط. ومن الجدير بالذكر ان لا ضرورة لوجود قانون اخر لان تفاصيل الميراث يبقى أمرا عائليا اساسه النية الصافية في التطبيق، فقد تحرم بعض العائلات الاناث من الميراث بالرغم من وجود تشريع وقد تعطي عائلات اخرى حصة اكبر لاناث من خلال إجراءات التخارج والتنازل ضمن نفس التشريع.
رابعا: اذا اراد الأردنيون كافة ضمن الاطر الدستورية تطوير بعض القوانين. يجب ان تكون هذه القوانين للوطن بكافة أبنائه وليس اصدار قوانين تزيد من العزلة لبعض فئات المجتمع وتمييزا لهم حتى لو اعتبره مطالبوه تمييزا إيجابيا فنحن بحاجة إلى الاندماج والعدالة للجميع. فلو فرضنا ان الانثى الاردنية مظلومة في الميراث.. فليس من العدل وليس من المدنية والحداثة ان يتم تمييز الانثى الاردنية بحسب دينها لتحصل على حصة ميراث اكبر!
واخيرا.. لا يجوز سلخ المكون الاردني المسيحي عن باقي الاردنيين تحت اي ظرف.. وان هذه المحاولات مهما كان ظاهرها جذابا فباطنها الانعزالي اسوأ.