القناعة مناعة والرضى سعادة
د.محمد البدور
30-03-2023 03:53 PM
لو كتب الله لمن مات قبل ١٠٠ عام ان يحيا مرة اخرى ويعود للحياة لاعتقد ان مايراه اليوم هي الجنة!
انظروا الى تطور الحياة فكل شيء اليوم لم يكن في ذاك الزمان لاسيارات ولا طيارات ولا هواتف نقاله ولا بيتزا ولا
برغر ولاطب ولا جامعات ولا حتى قصور والخ ٠
هذا يعني اننا اليوم في جنات الدنيا بفضل من الله وعلم الانسان الذي علمه الله مالا يعلم ٠
لذلك لاعجب لو كتبت ارادة الله لجدي الحياة مرة اخرى ان يعتقد انه الان في الجنه !
ولكن مالذي يسلب منا السعادة الان وماهو سبب تعاستنا ونحن اقل شقاء في الحياة ممن سبقونا من الاباء والاجداد واباء الاجداد ؟
قد يكون صاحب تطور الحياة تغير في النفوس ونشأة الانسان فانتقل من مرحلة القناعه الى مرحلة المجاعه لان جوع الروح والنفس اخطر بكثير من جوع البطن وقد يكون اننا اليوم فهمنا السعادة انها مال واملاك ومن سبقونا فهموا السعادة ان تعيش مستورا راضيا بما قسم الله
وقد يكون اجدادنا فهموا الكرامة انها يكفي ان تكون كريما وابن كرم وان اكرم الخلق اتقاهم الى الله بينما نحن في هذا العصر قد نكون فهمنا الكرامة ان تكسب وتنهب بما طالت يداك ولو كسب الحرام ٠
قد تكون القناعة عند اولئك الاجداد ان يعيش الواحد في مغارة او بيت طين او قش وعلى حصيرة فذلك قصره الكبير في الحياة ٠
وقد نكون فهمنا اليوم ان نعيش في قصور او بيوت من الحجر والقرميد والفخار والطاقة الشمسية لكنها مغارة امام قناعاتنا المهووسة الملهوفة المفجوعه ٠
ماذى جرى ياترى ؟
لماذا نحن نعيش اشقياء مهمومين منكوبين رغم اننا اخترقنا في عصرنا السماء والفضاء والارض بسلطان العلم وعقل الانسان ؟
لماذا كلما تطورت حياتنا فرغت ارواحنا وضعفت نفوسنا واسودت قلوبنا واقشعرت ابداننا وهزلت عزيمتنا واعوجت رقابنا وانحسرت مشاعرنا وانكسرت ظهورنا وزاد ضغطنا وانغلقت شراييننا وتلوثت دماؤنا ؟
السر فينا لا في الحياة وقد انتقلت بنا من عسر الى يسرى لقد تغيرت الحياة وتطورت سبل عيشها لكننا سئمنا الحياة لان السؤم والشؤم فينا ٠
ما اجمل ان تعيش قانعا بما انت فيه غير آبه بما كسبت يد الاخرين ٠
ما اسعدك وانت تعيش ملكا في بيتك بكل ماتملك ولو كان ملكا بسيطا او صغيرا وبين اهلك مالكا لنفسك لا مملوكا لغيرك واسيرا للطمع والمكاسب ومغريات الحياة ومراقبة لقمة العيش للاخرين لانك ستموت حسرة لاتسعدك لقمة عيشك ولا تجلب لك السعادة من مراقبة الاخرين٠
في القناعة مناعة للنفس من الهوى والردى وفي الرضى سعادة لايدركها الا من ارتضى