إيران دولة نووية بشرعية دولية
د. حازم قشوع
30-03-2023 12:53 PM
يبدو أن البرنامج التقني الخاص بإنتاج مفاعل نووي إيراني قد أنجز، هذا ما تشير إليه بعض الاستخلاصات العلمية والتحليلات الأمنية وقد بدأ مع هذا الانجاز التقني الاستراتيجي للقوة النووية عملية البحث عن تعميد رسمي لإيران باعتبارها دولة نووية تحمل شرعية دولية وهو الموضوع الذي أخذ يظهر للعيان بعدما بدأت بعض الأوساط الروسية بالحديث حول أهمية الاعتراف بالمكانة الإقليمية الايرانية جيوسياسيا.
كما أخذت معها بعض القنوات الإسرائيلية بالحديث عن أهمية إيجاد نظام ضوابط وموازين جديدة تحقق محور التوازن بين الهند وباكستان أساسه تشاركي (فارسي /عبري ) يعيد بناء قوام دبلوماسي جديد لحالة التوازنات بجنوب آسيا وآسيا الوسطى وهو ما بدى واضح في مسرح الأحداث بعد ما قامت جمهورية أذربيجان بفتح سفارة لها في إسرائيل، لتطلق بذلك عناوين التوازنات الجديدة .
باكو /أذربيجان التي تعد لاعبة أساسية بدول الأمة التركية تعلن انحيازها والأمة التركية معها بشكل ضمني مع الدولة العبرية في محور التوازنات الآسيوية بينما تقوم طاجكستان الناطقة بالفارسية بالدخول بالمربع الموازي مع اشتداد حالة الاستقطاب الدبلوماسي بهذه المنطقة الحيوية التي تشكل فيها أفغانستان حجر الزاوية لامتلاكها موارد طبيعية كبيرة غير مستغلة ولموقعها الجغرافي الذي يشكل علامة القاطع / الواصل لطريق الحرير الصيني بعدما بدأ يطغى على كابول علامة تغيير قوامها الدبلوماسي من باكستاني عميق إلى آخر قوام آخر أقرب منه للإيراني في ظل حالة التحالف بين قبائل (الطاجين الشيعية والبشتون السنية ) على الرغم من الاختلاف المذهبي القائم بين البلدين لكن المصالح المشتركة تبدو أعمق.
حالة التبدل هذه برزت على سطح المشهد السياسي واشتدت معها حالة الاستقطاب الدبلوماسي بعدما انتهت صفقة ترامب / بوتن ، التي كانت تقوم معادلتها على " روسية دونباس الأوكرانية مقابل أسرلة القدس والجولان العربية " هذا اضافة لاقتسام النفوذ الأمريكي في شرق سوريا مقابل الوجود الروسي في غربها ، لكن هذه الصفقة وأدها الرئيس جو بايدن في زمن الادارة الأمريكية الحالية التي بدورها رفعت شعار لتستند لمرجعية أممية واحدةـ يقوم محتواه على تشاركية اقتصادية ومعرفية ويبتعد مضمونه عن المشاركة الجيواستراتيجبة القائمة على أساس التعددية القطبية التي من شأنها أن تدخل المنظومة الدولية بصراعات استخبارية لا نهاية لها وهو الأمر الذي كان عليه الامر بالسابق أثناء الحرب الباردة .
وبناء على هذه المعطيات الناتجة تكون أغلب دول المنطقة قد انفكت سياسيا واقتصاديا إلى حد كبير عن العقدة الأمريكية ولم يبق سوى الأردن بوسادتها المصرية يقوم بضبط الايقاع السياسي فيها وهو ما يعد متغير ناشىء سيقود لبناء مركز جديد للبيت السياسي في المنطقة وهو ما يشكل متغير ينتظر أن يعطي زخما سياسيا كبيرا للأردن ومصر في المستقبل المنظور إذا ما استمرت حالة التبدل السياسي بالاصطفاف وحركة التحالفات لإعادة التشكيل ..
صحيح أن الروابط الأمنية مازالت تضبط الايقاع العام وهي تشكل عقدة الوثاق ، لكن ما هو صحيح أيضا أن الروابط السياسية قد تغيرت ودرجة الاختلاف قد اتسعت وأخذت الإصطفافات في المشهد العام تكون مغايرة بشكل جوهري عن ذي قبل، وهو ما يجعلها تشكل روابط ضاغطة سياسيا على العقدة الامنية التي مازلت تضبط عقدتها الموقف العام، لكن في حال انفكاكها فإن المشهد برمته سيحمل طابعا مغايرا عما كان عليه الحال في السابق.
في المحصلة، إن مركزية بيت القرار بالمنطقة التي تحتضنها اسرائيل منذ نهاية الحرب العالمية الثانية باتت مهددة على الرغم مما قاله نتنياهو في المؤتمر الديمقراطي عن هذه العلاقة بأنها لا تتزعزع بين أمريكا وإسرائيل، لكن ما يقوله شيء وما تنتجه حكومته عكس ذلك، لأن تغيير إسرائيل لبيت القرار فيها من "صهيوني موضوعي إلى توراتي ذاتي" لتسبح بالفضاءات الروسية الصينية سيفتح الباب أمام المتغير القادم، فعند المنعطفات تظهر فوارق المواقف وهذا ما يقدمه الأردن كنموذج حقيقي للشراكة الاستراتيجية الأردنية الامريكية وهو ما يجعله يشكل المركز الحيوي البديل للقرار المركزي للمنطقة.