قرأت كتبا قيمة عن هجرات مجتعمات بلاد الشام.
قرأت عن الهجرة الشامية «السوريين» إلى مصر، وما بعد حملة نابليون الى هناك .
وكذلك قرأت عن هجرة اللبنانيين الى مصر بعد حملة نابليون، وحفر قناة السويس وتحول موانئ وخطوط حركة التجارة العالمية، وخسارة موانئ بيروت لاهميتها الاستراتيجية.
و اندفاع اللبنانيين فيما بعد للبحث عن الهجرة الى مصر وامريكا اللاتينية واوروبا هربا من الظروف الاقتصادية الصعبة واعوام من الجفاف والفقر.
فعلاقة السوريين واللبنانيين بمصر ودول امريكا اللاتينية مثلا قديمة، فجرجي زيدان اول من أسس مجلة الهلال، وجريدة الاهرام بشارة وسليم تقلا .
و بعيدا عن علاقات السياسة وبحورها والمد والجزر، فالشوام واللبنانيون مؤسسون للنشاط التجاري والفني والسياحي في مصر.
و أسسوا صحفا ومسارح ودور انتاج سينمائي وفني، وكانوا من رواد النهضة المصرية في بداياتها.
و ابو خليل القباني مؤسس الحركة المسرحية المصرية سوري الاصل، والفنانان : فريد الاطرش واسمهان سوريان من جبل الدروز.
و الكواكبي رائد النهضية الفكرية العربية ويعقوب صروف وسلامة موسى، وجورج ابيض ورشيد رضا من اصول سورية ولبنانية.
وفيما خطر في بالي، وانا أقرأ مقاربات تاريخية واجتماعية في تاريخ واصول وحركة هجرات مجتمعات بلاد الشام، فان الاردنيين خارج سياق البحث والسؤال. رغم ان سؤال الهجرة قد سقط على رؤوس الاردنيين في العشرية الاخيرة من القرن الجاري.
و الاردني بقى على خريطة بلاد الشام فاتح صدر البيت، وناره وقادة وربابته شغاله، ويلعب دور المعزب، ويردد مقولة يا هلا بالضيوف ويا هلا ورحب بالضيوف الغانمين.
أردن الاباء والاجداد.. ما عبروا حدودا ولا شقوا بحارا ومحطيات، ولا قطعوا مسافات، سلموا الاحفاد مفاتيح الرضا والصبر.
الأردنيون اليوم مشغولون بالحديث عن الهجرة، وقد استوطن الاغراب اوطانهم.. واستطلاعات الرأي العام تفضح اتجاهات ميول ورغبة الاردنيين للهجرة، وتاريخيا في وجهة نظري هذا اتجاه ايجابي ومحمود.
و الهجرة محول و صانع للتاريخ، ومراحل وحقب تاريخية فاصلة في تاريخ شعوب واوطان رسمت وصنعت بفعل الهجرة. ومن بدء انطلاق الدعوة الاسلامية، كانت بالهجرة ولكن ليس كل من يهاجرون يفتحون اندلس ويعودون فاتحين لمكة، فثمة هجرات يذوب مهاجروها وتنتهي رواياتهم هناك.
في تأصيل هجرة الاردنيين هناك ارهاصات متناثرة ، ولكنها لا ترق الى مستوى التشكل الظاهري لكي يدرس ويسلط النظر عليه، هناك تجمعات متفرقة لأردنيين في امريكا واستراليا وكندا وأوروبا لم ترسم ملامح واضحة لهوية مجتمع اردني مهاجر اسوة بهويات وطنية مجاورة فلسطينية وسورية ولبنانية، وعراقية.
(الدستور)
الرد على تعليق