لولا الدولة العميقة في إسرائيل وتحركها السريع من جيش ومخابرات ورجال سياسة وفكر ومراكز دراسات ورصد وكل اركان هذه الدولة العميقة إضافة الى التدخل الأمريكي العلني والخفي، لجر نتنياهو إسرائيل الى الهاوية بعد ان وقف بها على حافتها في سبيل مخططاته إزاء القضاء لحماية نفسه..
الاحداث الجارية في إسرائيل منذ أسابيع التي بلغت ذروتها خلال هذا الأسبوع تؤشر الى عمق الانقسام في المجتمع الإسرائيلي والهوة الكبيرة عندهم بين مختلف مشاربهم الفكرية والسياسية، خصوصا بعد وصول اليمين المتطرف الى سدة الحكم هناك، ومحاولاته المستميتة لجر كل الكيان الإسرائيلي الى مربع خرافاته واعتقاداته التي بات رفضها في الشارع الإسرائيلي كبيرا ولكن لا يفوتنا انهم ينقسمون على كل شيء الا عداوتهم للفلسطينيين فانهم يتوحدون جميعا عليها..
من يحكم إسرائيل اليوم مجموعة من البلطجية أمثال بن غفير وسبورتج وغيرهما الذين وجدوا في شخصية نتنياهو الانتهازية فرصة تاريخية للوصول الى أهدافهم وتنفيذ مخططاتهم على الأرض.
المهم ان إسرائيل اليوم ليست إسرائيل الامس، فقد انكشفت القشرة الرقيقة من الديمقراطية الزائفة التي كان الإسرائيليون يسوقون انفسهم من خلالها أمام العالم، ولم تعد تلك القلعة العصية على الاختلاف بل والتصادم بين الأطراف فيها، كل ما اعتقد به الإسرائيليون انهم انجزوه على الصعيد الخارجي وان قوتهم الداخلية عصية على التفسخ انهار خلال أيام تحت وطأة الاحتجاجات في الشارع، وامام الانقسام الكبير الذي ظهر بقوة ووضوح.
يحاول نتنياهو العبث بقواعد القضاء الإسرائيلي، وهذا القضاء بالنسبة لنا ولكل المواثيق الدولية ليس منزها ولا يقوم على أسس العدل، يتجلى ذلك في معاملته للفلسطينيين، وهو متهم بمقايس العدالة.. لكن هبة الإسرائيليين جاءت ليس فقط لحماية هذا القضاء حسب رؤيتهم، لكنهم شعروا بأن اليمين عندهم يريد السيطرة على الدولة بشكل كامل، فاليوم القضاء وغدا مؤسسات أخرى خصوصا بعد ظهور فكرة الجيش الوطني الذي يريد تأسيسه الإرهابي بت غفير ليكون موازيا للمؤسسة العسكرية، والحبل على الجرار. والدولة العميقة هناك تدرك تماما ان ما يحدث الآن في إسرائيل يشكل ضربات قوية على جذور هذا الكيان.
ما يهمنا عربيا هو التركيز على فهم طبيعة هذا الكيان وانه لم يعد تلك القوة الكبيرة من الصعب مواجهتها ،والعمل جديا لإظهاره على حقيقته امام العالم خصوصا ان كثير من هذه الدول باتت على يقين تام بان اسرائيل ليس لديها تلك القدسية التي لعبت بها على العالم طوال قرن من الزمان.. وانها قائمة على اسس الديمقراطية والعدالة وتخفي وجهها القبيح وهي تهجر الفلسطينيين من ارضهم وتقتلهم وتهدم بيوتهم على رؤسهم. والاهم من ذلك عدم إعطائها حبة النجاة بتوسيع التلاقي مع يمينها الحاكم لتقديم زعيم هذا اليمين نفسة لشعبه انه بطل يفتح امامهم ابواب الدول العربية على مصارعها ليحقق لهم السلام والامن بمعزل عن الفلسطينيين..
وبالتأكيد مرة اخرى اسرائيل اليوم لم تعد كما كانت في الامس..