تجددت التحذيرات من هدم متوقع للمسجد الاقصى ، ومسجد العرب والمسلمين المهدد بالهدم لا احد يتلفت اليه ، لان الجميع مشغول بالفنانين وكرة القدم والعصبيات والصراعات المذهبية والدينية.
كل التحذيرات بشأن هدم المسجد الاقصى لا يقف عندها احد ، لان العرب شغلهم الشاغل بعيد كليا. الذي يتذكر المعارك الكلامية بين مصر والجزائر على خلفية مباراة كرة قدم ، والذي يتذكر صراعات المذاهب في العراق ولبنان ، والذي يتذكر حروب السودان الصغيرة والكبيرة ، يعرف ان هذه امة تفكر في كل شيء الا قضاياها الكبرى.
اسرائيل في اسعد اوقاتها العرب لا يشكلون اي خطر عليها ، هذه امة تشظت للاسف. امة اغلبها من المسحوقين والفقراء الذين تثيرهم اغنية وتغضبهم مباراة ، فيما اغنياء هذه الامة شغلهم الشاغل جمع المال وسرقة الناس ، وهدر المال على المحرمات.
نعم.. اسرائيل في اسعد اوقاتها ، لانها تركت لنا كل هذا التخلف والجهل والعصبيات وضياع الدين ، والانشغال بتوافه الامور ، وتركتنا نأكل لحم بعضنا البعض ، ونلوك تاريخنا المشترك ، وحياتنا الواحدة ، تركتنا لجهلنا وعصبياتنا الدينية والمذهبية والقومية والسياسية والرياضية ، وتحفر تحت الاقصى بكل هدوء واطمئنان ، لان لا عدو يهددها.
مخزْ جدا هذا المشهد في العالم العربي ، من حروب التقسيم في اليمن الى حروب التقسيم بين المغرب والجزائر وصولا الى حروب المذاهب في لبنان والعراق وحروب الفصائل كما في فلسطين ، والذين لم ينشغلوا بهكذا حروب انشغلوا بكرة القدم او الفنانات ، او انفقوا مالهم على المحرمات ، امة تم هتكها الف مرة ، وهي تهتك حالها كل يوم مليون مرة.
يوم بعد يوم سنصحو على خبر هدم المسجد الاقصى. عندها لن تنفعنا ملصقات التعهير القومي في الفن والرياضة والسياسة ، وعندها علينا ان لا نلوم احدا ما لان كل واحد فينا شارك في الجريمة بالسكوت او الانشغال بقضايا اخرى ، او باذكاء الخراب في هذه الامة ، او بغسيل مخ الملايين واخذها الى قضايا اخرى ليست ذات قمة بديلا عن القضايا الاصلية.
المسجد الاقصى قاب قوسين او ادنى من الهدم ، وحتى تفرغ امة العرب ، من انشغالاتها التافهة بحق الحريم والرياضة والانقسامات ، وحتى تخرج من ابار الجهل والتجهيل ، وسرقة الشعوب ، وهدر المال على كل تافه ، فان للمسجد ساعات صعبة لا يعلم بها الا الله.
حين تنقلب امة بأغلبها الى امة من الحشاشين الدائخين ، الا من رحم ربي ، فعلينا ان نتذكر ان الحل ليس مجاراة الحشاشين في خراب عقولهم ، وانما في اطلاق صيحات التحذير لعل هذه الامة تصحو من خدرانها القاتل.
mtair@addustour.com.jo
(الدستور)