ما هي رخص الافطار في رمضان
11-06-2023 11:45 AM
عمون - رخصة الإفطار في رمضان تعكس مرونة وتسامح الإسلام في تشريعاته وأحكامه. يتضح ذلك بوضوح في تخفيف الأعباء عن المكلفين عند وجود ضرورة أو صعوبة. فقد شرع الإسلام تسهيلات تُسهم في أداء الواجبات الشرعية. هذا المفهوم مستقر ومعتمد عند أهل العلم استناداً إلى المبدأ الفقهي المعروف "المشقة تجلب التيسير". قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الدين يسر". وقد أعرّف السبكي الرخصة بأنها تغيير في الحكم الشرعي لعذر يؤدي إلى تسهيل ويسر مع وجود سبب للحكم الأصلي. فيما يلي توضيح للرخص التي تجيز الإفطار في رمضان.
المرض: يسمح بالإفطار في رمضان للمرض الذي يسمح بالتيمم. وتُحدد صحة الإفطار في رمضان بوجود مشقة أو ضرر أو ازدياد المرض أو خوف من بطء الشفاء. قسم العلماء الأمراض إلى فئات، وسنوضحها كما يلي:
المرض اليسير: المرض الذي لا يسبب مشقة على الصائم، مثل الصداع والحمى ومرض السكري للمصابين الذين يسيطرون على حالتهم. اتفق جمهور العلماء على أنه لا يجوز الإفطار بسبب المرض اليسير، لكن ابن سيرين والظاهرية يرون أن المرض بشكل عام يجوز الإفطار في رمضان.
المرض الذي يُباح فيه الإفطار: يسمح بالإفطار في رمضان لصاحبه، ويطلق عليه "المرض المرخص". يتضمن هذا النوع المرض الذي يمكن للشخص الصوم ولكن يتأثر سلبًا بالصيام بدرجة لا تهدد حياته أو يتسبب في زيادة المرض وتفاقمه. الحنفية والشافعية يرون أنه يجوز لهم الإفطار، في حين يرون المالكية أنه مندوب لهم الإفطار ويعتبر الصيام مكروهًا.
المرض الذي يستدعي الإفطار: المرض الذي لا يستطيع الشخص صيامه بسببه، حيث يؤدي إلى الهلاك وتحدده الأطباء الموثوق بهم. يجب على المريض في هذه الحالة الإفطار ويحرم عليه الصيام، لأن الله أمر بحفظ النفس.
السفر: يتفق العلماء على شروط السفر التي تجيز الإفطار في رمضان. يشترط أن يكون السفر على مسافة لا تقل عن ٨١ كيلومترًا، وهي المسافة التي يُباح فيها قصر الصلاة. يشترط أيضًا أن يبدأ الشخص السفر قبل طلوع الفجر. يرون الحنابلة أن هذا الشرط قابل للتساهل، وأضاف الشافعية شرطًا ثالثًا وهو عدم تكرار السفر بشكل دائم. للمزيد من التفاصيل حول أحكام السفر والصيام، يمكن الاطلاع على المقالة "ما هي شروط إفطار المسافر في رمضان".
الحيض والنفاس: يجب على النساء في فترة الحيض والنفاس الإفطار في رمضان. حيث يُحرم عليهن الصوم وتأخير الإفطار. والحكمة وراء ذلك هو الضعف الذي يصيبهن في هذه الفترتين، ويشبهن المرض الذي يسمح لهم بالإفطار. لا يجوز للمرأة في فترة الحيض أن تنوي الصيام إلا بعد أن تتحقق من الطهارة الكاملة. إذا تحققت الطهارة قبل الفجر، يجب عليها الصيام حتى لو تأخرت في الاغتسال. أما إذا طهرت بعد الفجر، فلا يجوز لها الصيام ويجب عليها الإفطار وقضاء اليوم الذي أفطرته. كما لا يجوز إكمال الصيام لمن يحضرها الحيض قبل غروب الشمس، فعليها أن تترك الامساك وتقضي ذلك اليوم.
كبر السن: يعتبر العلماء كبر السن سببًا يجيز الإفطار في رمضان. يتفقون على أنه يجوز لكبير السن العاجز الذي يعجز عن الصيام أو يخشى عليه نفسه الضرر أن يفطر. يجب عليهما القضاء مع دفع فدية عن كل يوم أفطره.
الحمل والرضاعة: يجوز للمرأة الحامل والمرضع الإفطار في رمضان بناءً على أدلة دينية. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة، وعن الحامل والمرضع الصوم أو الصيام". وهناك تفصيلات بين العلماء بشأن الخوف الذي يصاحب الحمل والرضاعة، سواء كان خوفًا على الأم والطفل أو فقط على الطفل، وما يترتب على كل حالة. للمزيد من التفاصيل حول أحكام الحمل والصيام، يمكن الاطلاع على المقالة "شروط إفطار الحامل في رمضان".
من المهم ملاحظة أنه في حالة الإفطار في رمضان، يترتب على الشخص قضاء الأيام التي أفطرها في رمضان دون دفع فدية في حالات محددة مثل الإغماء أو نسيان نية الصيام أو عدم تأدية النية، ويستحب للمسلم أن يقوم بقضاء الأيام التي أفطرها في رمضان بأسرع وقت ممكن، بينما يجب عليه القضاء دون دفع فدية في حالة الإفطار المتعمد بدون عذر شرعي.
من أفطر عمدًا في رمضان دون عذر، فقد عصى الله تعالى وارتكب كبيرة من الكبائر. يلزمه التوبة النصوح وقضاء اليوم أو الأيام التي أفطرها. إذا كان الإفطار حدث بدون سبب مثل الجماع، فإنه يجب عليه قضاء الأيام المفطورة دون وجوب الكفارة. هناك اختلاف بين العلماء بشأن وجوب الكفارة على من أفطر بلا عذر شرعي، وتوضح ذلك فيما يلي:
القول الأول: يروي الحنابلة والشافعية أن الكفارة غير واجبة على من أفطر عمدًا بدون جماع، لعدم وجود نص صريح يفرض الكفارة في هذه الحالة، وعدم صحة القياس بين كفارة الجماع وكفارة الإفطار العمد.
القول الثاني: يروي الحنفية بوجوب الكفارة على من أفطر عمدًا، مستدلين بقياسهم على الإفطار بسبب الجماع. يقولون إن تناول الطعام يحقق شهوة البطن ويوفر الغذاء والدواء، وبالتالي يمكن قياس كفارة الإفطار على كفارة الجماع. ومع ذلك، إذا تناول الصائم شيئًا غير طعام عمدًا مثل الحصاة، فلا يلزمه الكفارة لعدم تحقق شهوة البطن وعدم توفر الغذاء أو الدواء. يوافقهم في هذا الرأي المالكية، ولكنهم يشترطون عدة شروط لوجوب الكفارة، بما في ذلك معرفة الصائم بحرمة الإفطار، والاختيار، والتعمد، وأن يكون الإفطار عن طريق الفم. وينطبق ذلك على رمضان الحالي وليس على رمضان السابق.