المرأة على الجانب الآخر من الإحتفاء بها
بسمة العواملة
28-03-2023 01:00 PM
لم استطع إخفاء شعوري بالدهشة الممزوجة بإعجاب بفكرة الإطلاع عن كثب على احوال نزيلات مركز إصلاح و تأهيل الجويدة للنساء بمناسبة الإحتفال بيوم المرأة العالمي الذين يصادف في الثامن من آذار من كل عام، بحيث وجدت في هذه الزيارة ما يغني عن كثير من اللقاءات الندوات و المؤتمرات .
وقد حضرني اثناء برنامج الزيارة المبدأ الثاني من القيم العالمية التي اقرتها مجموعة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة والمتضمن بعدم ترك أي أحد خلف الركب، و هذا يتطلب مكافحة التميز والإقصاء والحد من أوجه عدم المساواة والتي تودي الى ترك الناس خلف الركب و تقويض إمكانيات الأفراد والبشرية ككل .
والمبدأ الثاني المشار اليه هو مكمل لمجموعة المبادىء الخاصة بحماية السجناء المحرومين من حريتهم ، هذه المبادىء التي جاءت متوائمة الى حد لا بأس به مع قانون مراكز الإصلاح و التأهيل رقم 9 لعام 2004، و الذي حل محل قانون السجون رقم 23 لسنة 1953
حيث جاء هذا القانون ليتبنى فلسفة الإصلاح وإعادة التأهيل بدلا من كونه مكانا فقط لقضاء العقوبة ( المحكومية ) هذه الفلسفة التي تقوم على أنسنة العمل الإصلاحي من حيث إعتبار نزيل مركز الإصلاح إنساناً بالمقام الأول يجب صون وإحترام كرامته، فحقوق السجناء مصانه بموجب المواثيق الدولية كالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، وهي حقوق يتمتع بها الافراد حتى اثناء حرمانهم من حريتهم .
لا بل يجب ايضاً تأهيل وتقويم سلوك هؤلاء النزلاء من خلال ادماجهم في برامج و دورات تعليمية و مهنية بحسب ميولهم لإكسابهم مهارات مهنية وفنية تؤهلهم لتعلم حرفة تساعدهم على تحقيق دخل مالي لهم ولعائلاتهم و تساعدهم في العمل و الإنتاج بحيث تسرع في إدماجهم وإنخراطهم في المجتمع بعد إنقضاء فترة محكوميهم .
وعودة للزيارة التي تركت لدي إنطباع جيد عن مدى تطور جهاز الأمن العام و مواكبته المستمرة لكل ما من شأنه تجويد الفلسفة العقابية و تفعيل القوانين المتوائمة مع المعايير و المواثيق الدولية المعنية بتطبيق القواعد النموذجية الدنيا التي يجب توافرها في السجون او كما هو المسمى في القانون الاردني بمراكز الإصلاح والتأهيل، كذلك في معاملة المحرومين من حريتهم مما يعزز إحترام حقوق الإنسان ومفهوم الأمن والإستقرار .
هؤلاء النشامى و النشميات الذين خاطبهم سيد البلاد في خطاب العرش السامي في مجلس الأمة ب (النشامى الأصدق قولاً والأخلص عملاً )، وكيف لا وقد اثبتوا دوماً بأنهم على قدر من الكفاءة والجاهزية العالية في تطبيق القانون وتنفيذ المهام الملقاه على عاتقهم بكل إقتدار ، نحن بدورنا نقول لهم بقلوبنا قبل السنتنا شكراً لكم بحجم السماء على جهودكم وتفانيكم .
وأخيراً، لعل نسخة القرآن الكريم التي حملتها معي من داخل مشغل الحياكة الذي تتعلم به نزيلات المركز مهنة الخياطة والحرف اليدوية ، وقد قمن بحياكة ما يشبه الغطاء المطرز بالتطريز الفلاحي، هذه النسخة من كتاب الله الغفور الرحيم التي ستبقى تذكرني دوماً بأن هناك فرص أخرى في هذه الحياة يستطيع فيها الإنسان البدء من جديد برغم كل الصعوبات ،اذا توفر له العون والدعم الحقيقي وهذا ما شاهدته في ذاك المكان ، فمرة أخرى شكرا لجهودكم/ن نشامى ونشميات الأمن العام .
"الدستور"