الزلزال والسياسة وازدواج المعايير / ٦
اللواء المتقاعد مروان العمد
28-03-2023 12:54 PM
سيكون حديثي اليوم عن الزلزال والسياسة وازدواج المعايير في منطقة شمال غرب سوريا . والتي تشمل محافظة ادلب وقسم من ريف حلب ، بالاضافة الى المدن والبلدات الحدودية مع تركيا . وهذه المنطقة اشتهرت في الحرب الاهلية السورية بانها منطقة تجمع عناصر التنظيمات المسلحة وعائلاتهم ، والذين كان يتم نقلهم اليها نتيجة تفاهمات كانت تعقد ما بين هذه التنظيمات والنظام السوري . كما يتواجد فيها عددا كبيرا من المهجرين السوريين الذين يعيش معظمهم في خيام او بيوت متهالكة وفي فقر مدقع . وتوجد فيها عشرات التنظيمات المسلحة التي ظهرت اثناء الحرب الاهلية . وهي ما بين تنظيمات ارهابية مثل النصرة وداعش ، وما بين بقايا الجيش الحر ، وتلك التي كانت تتبع الدول المتدخلة بالشأن السوري . واغلبها الآن تحظي بحماية ورعاية تركية . كما تتواجد فيه قوات تركية بحجة حمايتها من قوات النظام ، والفصل بين التنظيمات المختلفة فيها . و التصدي للتنظيمات الكردية .
وكانت هذه المنطقة قد تعرضت لقصف جوي وارضي من قبل قوات النظام والقوات الروسية ، بحجة محاربة التنظيمات الارهابية فيها ، مما ادى الى الحاق اضرار جسيمة في ابنيتها وتدمير بنيتها التحتية . كما كانت تعيش في حالة حصار من قبل النظام واعوانه ، ومن قبل تركيا لمنع انتقال سكانها اليها . ومن قبل مجلس الامن لمنع دخول السلاح للتنظيمات الارهابية . ولم يبقى لها منافذ على العالم الا ثلاثة معابر على الحدود مع تركيا وهي باب الهوى ، والراعي ، وباب السلامة . وبموجب قرار من مجلس الامن فقد تم اغلاق معبري الراعي وباب السلامة . وبقي معبر باب الهوى مفتوحا لمرور شاحنات المساعدات الاممية لها .
وفي ظل هذه الظروف وقع الزلزال لنشاهد ابشع ما فيه واشده هولاً . و لتتحرك فينا المشاعر وتبكي القلوب والعيون من هول ما شاهدناه من منازل منهارة ، وكثرة المحاصرين تحت انقاضها ، وقلة المنقذين والمسعفين . والنقص في معدات ولوازم الانقاذ ، والاعتماد على الوسائل البدائية والتي يقوم بها عناصر الخوذ البيضاء المثيرة للجدل . وبدلاً من تقديم العالم المساعدة لهم اخذ يوجه الاتهام للنظام بأنه هو من يمنع دخول المساعدات لها ، ويطالبه بفتح معابر لادخالها . الامر الدي رفضته جبهة النصرة ، وحكومة الائتلاف الوطني للمعارضة ، وطلبهم ان يكون ذلك من خلال المعابر التركية ، والتي لم يكن متوفرا منها الا معبر باب الهوى والذي اغلق بدوره نتيجة الزلزال . وبعد ستة ايام من وقوع الزلزال دخلت ست شاحنات مساعدات منه ، ليتبين انها من ضمن المساعدات المبرمجة مسبقاً من قبل الامم المتحدة . والتي كان من المفترض ان تكون قد دخلت قبل وقوع الزلازال . وان اول شحنة مساعدات دولية دخلت هذه المنطقة كانت بعد تسعة ايام من الزلزال . حيث دخلت قافلة مساعدات من معبر باب الهوى تضم 32 شاحنة .
علماً انه منذ اليوم الاول للزلزال ، اعلنت الحكومة السورية انها تستعد لارسال قافلة محملة بالمساعدات عن طريق الهلال الاحمر السوري الى ادلب من خلال معبر سراقب ، وان القافلة تنتظر وجود ممثلي منظمات الامم المتحدة عند المعبر لتسليمها اليهم . وبعد ستة ايام من الزلزال حاولت قافلة تابعة للهلال الاحمر السوري الدخول من هذا المعبر محملة بالمساعدات ، الا انه تم منعها من قبل تنظيم النصرة . كما طلب مكتب الامم المتحدة في دمشق من الهلال الاحمر السوري تأجيل ذلك بسبب مشاكل في الحصول على موافقة هيئة تحرير الشام ( النصرة ) على دخولها . وصرح متحدث باسم الامم المتحدة بأن نقل مساعدات الاغاثة من الزلزال من المناطق التي تسيطر عليها الحكومة الى الاراضي التي تسيطر عليها المعارضة تتعثر بسبب مشكلات في الحصول على موافقات لدخولها . واكد على ذلك مارتن غريفيث / وكيل الامين العام للشؤون الانسانية ، منسق الإغاثة في حالات الطوارئ .
اما الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس ، فقد دعى الى ارسال المساعدات الى شمال غرب سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة . وقال ان الناس يموتون هناك وانه يجب استكشاف جميع السبل الممكنة لايصال المساعدات وفرق لانقاذ لهم . واعرب عن املة بأن يأذن مجلس الامن بفتح نقاط عبور جديدة بين تركيا وسوريا . وقال هذا ليس وقت تسيس الموضوع ، وان الوضع بحاجة الى دعم هائل لمواجهة واحدة من اسؤ الكوارث الطبيعية في عصرنا ، وانني سأكون سعيدًا جداً اذا توصل مجلس الامن الى توافق لفتح المزيد من المعابر .
اما نائب المندوب الروسي لدى الامم المتحدة ديمتري بولانسكي ، فقد قال ان مسلحين تابعين لتنظيم هيئة تحرير الشام تقوم باحتكار المساعدات الانسانية التي تصل الى شمال سوريا عبر الاراضي التركية . وقال في اجتماع للامم المتحدة ان هناك ادلة على ان عناصر هيئة تحرير الشام يستولون على المساعدات القادمة الى جيب ادلب من خلال آلية المساعدات الانسانية عبر الحدود بهدف بيعها للسكان المحليين . وبعد حوالي اثنا عشر يوماً قرر مجلس الامن السماح باستخدام معبري الراعي وباب السلامة التركيين لادخال المساعدات من خلالهما . الا ان تدفق المساعدات والذي جاء متأخراً جدا بقي بطيئا ولا يفي بالمتطلبات بالرغم من دخول بضع مئات من الشاحنات من خلال هذه المعابر .
وهذا يثبت ان النظام السوري ليس وحده المسؤول عن عدم ادخال المساعدات عبر المعابر السورية كما كان يشاع من قبل الامم المتحدة ، والاتحاد الاوروبي ، والولايات المتحدة ، ومعارضي النظام . وان كل هذه الجهات مسؤولة عن ذلك . وان ما كان يجري هو جريمة دولية ولعبة سياسية شارك فيها الجميع . وكان سكان شمال غرب سوريا هم ضحاياها . ولا زال ادخال المساعدات لهذه المنطقة من الجانب السوري ممنوعاً بامر من تنظيم النصرة ، ولا زالت الشاحنات التي تحمل المساعدات متوقفة على حدودها .
يتبع الحلقة الاخيرة