اذكّر دائماً بأن الاردنيين المسيحيين يصرون على تسميتهم بـ «الأردنيين المسيحيين» وليس بـ «المسيحيين الأردنيين» فهم أولاً وأخيراً أردنيون ولدوا على العقيدة المسيحية. وينتمي الأردني المسيحي إلى المنطقة التي يعيش فيها فهو أردني من ابناء البلقاء أو الكرك أو عمان أو مأدبا أو عجلون....إلخ.
والأردني المسيحي ينتمي إلى عائلته وعشيرته ويلتزم بتحالفات عشيرته مع عشائر منطقته. وهذه التحالفات لمن لا يعلم هي تحالفات عشائر مسيحية اسلامية وليست تحالفات عشائر مسيحية مسيحية أو مسلمة مسلمة. وأخيراً أذكّر بأن الأردني المسيحي عربي شرقي يفخر بشرقيته وعروبته، ويفخر أيضاً بحضارته العربية الإسلامية وهو يتحلى بذات القيم والعادات التي يتحلى بها المسلم العربي.
اسوق هذه المقدمة لأنني في الآونة الأخيرة اشاهد ظواهر غريبة مرفوضة. فهناك من يحاول اختزال الأردني المسيحي إلى أقلية يتعامل معها بعيدا عن الحقائق التي ذكرت.
وهناك من يريد أن ينفي عن الأردني المسيحي دوره الوطني وعمقه العائلي والعشائري والمناطقي. وآخرون والحمد لله هم قلة يحاولون إثارة الفتنة من خلال خطاب الكراهية الذي يعتمدونه كلما سنحت لهم الفرصة بذلك، عند وفاة أردني مسيحي أو في مناسبات أعياده على سبيل المثال. وآخرون عن جهل أو علم والله أعلم يحاولون إيجاد شرخ بين الكنائس المعترف بها في الأردن عن طريق تمييز كنيسة على أخرى في تعاملاتها مع مؤسسات الدولة. وآخرون يحاولون وضع تشريع للأحوال الشخصية للاردنيين المسيحيين ناسين أو متناسين أنهم أردنيون ويخضعون لجميع القوانين النافذة في البلاد.
وظاهرة أخرى أصبحت تستفز الأردني المسيحي هي اعتماد رجال الدين المسيحيين كممثلين للأردني المسيحي في المناسبات الاجتماعية أو في الشؤون السياسية. وأؤكد هنا أن الأردني المسيحي يحترم رجال الدين ويجلهم كونهم المرشدين الروحيين له، ويسمع الأردني المسيحي لأقوالهم في كل ما يتعلق بشؤونه الدينية والروحية. ولكنه يرفض أن يكون رجال الدين المسيحيين ممثلين عنه في علاقاته الاجتماعية أو في علاقاته مع مؤسسات الدولة. فرأي رجل الدين في الشأن السياسي والثقافي والاجتماعي هو رأيه الخاص أو رأي الكنيسة إذا كان ينطق باسمها. ولهذا الرأي كل الاحترام ولكن هذا لا يعني أبدا أنه رأي رعيته. وكم من حالة كان فيها رأي الرعية مخالفا لرأي الكنيسة، أذكر منها توحيد الأعياد في الأردن فقد تم ذلك بالرغم من معارضة الكنائس ولاصرار الرعية عليه.
الأردني المسيحي مواطن يتمتع بكامل حقوق المواطنة وملتزم بكافة واجباتها. فهو يشارك في الانتخابات النيابية لاختيار ممثليه عن الدائرة الانتخابية التي يقطن فيها. وينتخب من بين المرشحين ممثلين عنه مسلمين كانوا أم مسيحيين. فهؤلاء هم من يمثلونه في علاقاته مع الدولة وليس رجال الدين المسيحي.
أردت توضيح ذلك لأنني أرى في بعض الأحيان لجوء قلة من المسؤولين وبعض المواطنين إلى رجال الدين لمعالجة قضايا لا تعنيهم ولا يجوز إقحامهم فيها لأنها في كثير من الأحيان تنعكس سلبا عليهم وتخلق خلافات بينهم وبين رعيتهم، والأولى برجال الدين أن يكونوا في منأى عنها.
وسيظل الأردني المسيحي ثابتا على العهد ملتزما بوطنه التزاما أزليا وسيظل الأردنيون المسيحيون على ولائهم الصادق الأمين لقيادتهم الهاشمية.
(الراي)